مجرّدة عن المادة والعوارض إذا اتحدت بالعقل بالقوة صيّرته عقلا بالفعل ، لا بأنّ العقل بالقوة يكون منفصلا عنها انفصال مادة الأجسام عن صورتها ، فإنّه إن كان منفصلا بالذات عنها ويعقلها كان ينال منها صورة أخرى معقولة. والسؤال في تلك الصورة كالسؤال فيها ، وذهب الأمر إلى غير النهاية).
هذا ما ذكره على سبيل الإجمال وأمّا على سبيل التفصيل (١) فقال :
إنّ العقل بالفعل إمّا أن يكون حينئذ هذه الصورة أو العقل بالقوة التي حصلت لها هذه الصورة أو مجموعها.
ولا يجوز أن يكون العقل بالقوة هو العقل بالفعل لحصوله ؛ لأنّه لا يخلو ذلك (٢) العقل بالقوة إمّا أن تعقل تلك الصورة ، أو لا تعقلها ، فإن كان لا تعقل تلك الصورة ، فلم تخرج بعد إلى الفعل ، وإن كان تعقلها ، فإمّا أن تعقّلها بأن تحدث لذات العقل بالقوة منها صورة أخرى ، أو تعقلها بأن تحصل هذه الصورة لذاتها فقط. فإن كان إنّما تعقلها بأن تحدث له منها صورة أخرى ذهب الأمر إلى غير النهاية ، فإن (٣) كان تعقلها بأنّها موجودة له : فإمّا على الإطلاق ، فيكون كلّ شيء حصلت له تلك الصورة عقلا ، لكن تلك (٤) الصورة حاصلة للمادة وحاصلة لتلك العوارض التي تقترن بها في المادة. فيجب أن تكون (٥) المادة والعوارض عقلا بمقارنة تلك الصورة ، فإنّ الصورة المعقولة موجودة في الأعيان الطبيعية ، ولكن مخالطة بغيرها لا مجردة ، والمخالط لا يعدم المخالط حقيقة ذاته.
وإمّا لا على الإطلاق ، ولكن لأنّها موجودة لشيء من شأنه أن يعقل فيكون
__________________
(١) قال : «بل أفضل هذا وأقول ...».
(٢) كذا في النسخ ، وفي المصدر : «ذات».
(٣) في المصدر : «وإن».
(٤) في المصدر : «وتلك».
(٥) ق : باضافة «تلك» بعد «تكون».