الفصل الأوّل
في الجوهر الفرد (١)
وفيه مباحث
__________________
(١) الجوهر الفرد عند المتكلّمين هو العنصر الأوّل في تكوين الأجسام الذي لا يقبل التجزئة والانقسام.
وهو الذي يسمّى اليوم ب «الذرة» (Atom) وهو في الفيزياء والكيمياء أصغر جزء من أجزاء المادة العنصرية. ولا يمكن تجزئته ، ومع فرض تجزئته ، كما أثبتته العلوم الحديثة إلى نواة تحمل شحنات كهربائية موجبة تسمّى البروتونات ، وشحنات كهربائية سالبة تسمى الكترونات ونواة لا تحمل شحنات كهربائية تسمّى نيوترونات وهكذا إلى أجزاء أخرى ، لا تصدق عليه لفظة الذرة ، لأنّها موضوعة للجزء الذي لا يتجزأ.
وانتهت بحوث الذرة في عصرنا الراهن بالقنبلة الذرية والخدمات السلمية للطاقة الذرية.
وممن ذهب إلى وجود الذرة من قدماء اليونان : «اليوقبس» و «ديمقريطس». وقال بهذا المذهب في الهند مدرسة فيشسكا ، وأصحاب مذهب الجينا (Jaina) وبعض المدارس البوذية.
وربما كان أوّل من دعا من المسلمين إلى هذا المذهب أبا هذيل العلاف ، وتبعه في ذلك من المعتزلة : معمّر بن عبّاد ، هشام الفوطي ، الجبائيان ، الكعبي ، الصالحي ، القاضي عبد الجبار ، ابن متويه ، النيسابوري ، ومن الأشاعرة : الباقلاني ، الأسفراييني ، البغدادي ، الجويني ، اللقاني ، السنوسي وغيرهم ، ومن الماتريدية : أبو منصور الماتريدي ، البزدوي ، أبو المعين النسفي ، نجم الدين النسفي ، الصابوني ، كمال بن الهمام ، البياضي ، وغيرهم.
وكان هشام بن الحكم والنظّام والجاحظ والخياط وابن حزم والفلاسفة يخالفون المذهب الذري وينفون الجزء الذي لا يتجزأ ، وقد نقل انّ هشام بن الحكم قد ترك هذه المخالفة كما يأتي من المصنف في ابطال الطفرة. ويظهر من بعض الشخصيات تردّدهم بين القول بالجوهر ـ