تنقسم لما مرّ ، وهكذا إلى أن تنتهي الحركة. فثبت تركب الحركة من أجزاء لا تتجزأ.
فنقول : إنّ المسافة التي تقع عليها الحركة أيضا كذلك ؛ لأنّ الحركة التي لا تنقسم إنّما تقع على مسافة ، فتلك المسافة إمّا أن تكون منقسمة أو لا ، والأوّل باطل ؛ لأنّ الحركة تنقسم بانقسام المسافة كما انقسمت بانقسام الزمان ، لأنّ الضرورة قاضية بأنّ الحركة في نصف المسافة نصف الحركة في كلّ المسافة ، فإذا فرضنا الحركة في كلّ المسافة غير منقسمة وجب أن لا تكون المسافة التي وقعت الحركة فيها منقسمة ، وإلّا لانقسمت الحركة بانقسامها ، وقد فرضناها غير منقسمة ، هذا خلف. فقد ثبت هنا مسافة غير منقسمة. ثمّ المسافة التي تقع فيها الحركة الثانية أيضا غير منقسمة.
والحاصل أنّ هذه الأمور الثلاثة : الزمان والحركة والمسافة متطابقة أيّها انقسم انقسم الباقيان ، وأيّها امتنع عليه القسمة امتنع على الباقيين (١).
قال أفضل المحقّقين : «الخصم يقول : الحركة لا وجود لها إلّا في الماضي أو في المستقبل ، وأمّا الحال فهو نهاية الماضي وبداية المستقبل وليس بزمان (٢) ، وما ليس بزمان لا تكون فيه حركة ؛ لأنّ كلّ حركة في زمان ، وكذلك سائر الفصول المشتركة للمقادير (٣) ليست بأجزاء لها ، إذ لو كانت الفصول المشتركة أجزاء للمقادير التي هي فصولها لكانت القسمة إلى قسمين قسمة إلى ثلاثة أقسام والقسمة إلى ثلاثة أقسام قسمة إلى خمسة أقسام ، هذا خلف.
__________________
(١) أنظر الإشكال على هذا الوجه في شرح الشريف الجرجاني على المواقف ٧ : ١٥.
(٢) صرّح الطوسي بأنّ الزمان لا ينقسم إلى الماضي والمستقبل والحال ، وأنّ الحال حدّ مشترك هو نهاية الماضي وبداية المستقبل ، والحدود المشتركة بين المقادير لا تكون أجزاء لها وإلّا لكان التنصيف تثليثا. شرح الإشارات ٢ : ٣٤ ـ ٣٥.
(٣) في المصدر : «للمقادير الأخر».