والدائرة ، فكيف يستدل بوجود الكرة وحركتها على وجود الجزء؟
الخامس : أنّه سيظهر أنّ الحركة لا يعقل وجودها مع القول بالجزء الذي لا يتجزأ ، فلا يمكن أن يستدل بها على وجود الجزء الذي لا يتجزأ.
السادس : النقطة إنّما توجد في الكرة بالمماسة ، فعند زوالها تعدم تلك النقطة وتحدث أخرى ، فلا توجد أبدا إلّا نقطة واحدة.
السابع : لو سلّمنا أنّ المماسات إنّما تحصل بالنقط ، لكن لم لا يجوز أن يقال : بين كل نقطتين خط؟
والجواب عن الأوّل : أنّه تسليم لما ادعيناه ، فإنّا لم ندع إلّا أنّ الكرة تماس السطح بنقطة ، فالاستدلال عليه لا يفيد في الجواب شيئا.
وعن الثاني : أنّ هذا القول ينفي الحكم الضروري بتماس الأجسام وتلاقي السطوح والخطوط بعضها لبعض ؛ لأنّ الجسم إذا ماس جسما فالسطحان إن تلاقيا بالأسر تداخلا واتحدا ولم يبق فرق بين المماسة والاتصال ، كما قال في النقطة (١) ، وإن لم يتلاقيا بالأسر بل بالبعض انقسما في جهة التلاقي حتى يكون بأحد جانبيه ملاقيا لأحد الجسمين وبالآخر لا يلاقيه ، فكان لكلّ من السطحين عمق وقد كان لهما طول وعرض ، فالسطحان جسمان ، هذا خلف. ولمّا بطل القسمان لزم أن لا يماس جسم جسما ، ولا سطح سطحا ، ولا خط خطا.
وأيضا النقطة نهاية الخط والخط قد يتناهى بالفعل ، فكيف يكون متناهيا بالفعل ولا تكون النهاية حاصلة بالفعل؟ إلّا أن يقول الكرة ليس فيها خط متناه بالفعل ، وحينئذ يكون منكرا لما دلّ العقل عليه. واتّفقت كلمة الفلاسفة عليه بأنّ الكرة إذا تحركت تميز الخط الذي هو محددها عن سائر الخطوط بالفعل ، ولا شكّ في تناهيه بالفعل وطرفاه قطبا الكرة ، فهما موجودان بالفعل.
__________________
(١) ج : «النقط».