وعن الثالث (١) : أمّا إنكار الكرة الحقيقية فغير مسموع منه ، وخصوصا ومذهبه أنّ الشكل الطبيعي للأجسام البسيطة إنّما هو الكرة والتركيب لا يضاده ، فكيف يسمع منه هذا المنع؟ وهل هو في ذلك إلّا مكابر؟
وأمّا إنكار السطح المستوي فغير مسموع أيضا ؛ لأنّ سبب الخشونة : الزاوية ، ولا بدّ وأن تكون من سطوح صغار ملس ، وإلّا لذهبت الزوايا إلى غير النهاية ، وإذا جاز سطح صغير مستو جاز كبير. ولأنّ المطلوب يحصل بالصغير (٢) أيضا ، لأنّا نفرض كرة أصغر منه حقيقية ملاقية له. ولو منع الوجود لم يضر ، لأنّ الكلام غير مبني على الوجود ، بل على إمكان الوجود ، فإنّ ما يمكن أن يوجد إذا فرض موجودا لا يلزم منه محال وإن لزم الكذب ، لكن الكذب مغاير (٣) للمحال وكذب غير المحال لا يلزم منه محال ، وما يلزم من الممكن ممكن لا محالة.
والمنع من إمكان الدحرجة منع مكابرة ، فإنّ الضرورة قاضية بإمكان تحريكها قسرا أو إمكان انزلاقها عليه ، ويلزم منه وجود النقط المتتالية في السطح والكرة.
وقوله : «المماسّة حال الحركة بالخط».
باطل ؛ لأنّ المماسة عبارة عن انطباق طرف كلّ واحد من السطحين على طرف الآخر ، فلو ماسّت الكرة السطح بالخط لوجب أن ينطبق من الكرة خط على خط في ذلك السطح فيكون ذلك الخط مستقيما ، لأنّ المنطبق على المستقيم مستقيم ، فتكون الكرة مضلّعة ، فإذن الكرة لا يمكن أن تماس السطح بالخط.
__________________
(١) راجع المباحث المشرقية ٢ : ٣٩ ؛ المطالب العالية ٦ : ٥٠ ؛ مناهج اليقين : ٢٧.
(٢) ق : «في الصغير».
(٣) ق : «غير مغاير».