المسألة الثانية : في أنّ الجوهر هل يصح وقوعه على موضع الاتصال بين جوهرين(١)؟
اختلف الشيخان هنا ، فذهب أبو هاشم إلى جوازه ومنعه أبو علي وأبو القاسم الكعبي وأبو إسحاق وقاضي القضاة.
حجة أبي هاشم بأنّا إذا فرضنا خطا مركبا من أربعة جواهر ثمّ أزيل جزءان من وسطه صحّ وضع الجزء في الفرجة التي بين الطرفين على حدّ لا يلاقي واحدا من الطرفين ، وإنّما يكون كذلك إذا كان على موضع الاتصال منهما.
اعترض بمنع ذلك ؛ لأنّه لو صحّ لكان قد حصل في تلك الفرجة ما هو أقلّ مقدارا من الجزء ، وقد بيّنا أنّه أصغر المقادير فيجب المنع من صحّة وضعه على حدّ لا يلاقي واحدا من طرفيه لهذا المانع.
وهذا في غاية الضعف.
أمّا أوّلا ، فلأنّ المكان الخالي يمكن أن يشغله المتمكن مطلقا ولا يمكن اسناد الامتناع إلى أنّه لو حصل في ذلك المكان لا نقسم وانقسامه محال ، لأنّ الأمكنة لا مدخل لها في تصحيح القسمة وعدمها.
وأمّا ثانيا ، فلأنّا نعلم بالضرورة إمكان حركة هذا الجزء من أحد الجزءين إلى الآخر ؛ لأنّه إذا أمكن أن يجاوز كلّ واحد منهما والوسط خال قضت الضرورة بإمكان الحركة ، وحينئذ يلزم المحذور.
وأمّا ثالثا ، فلأنّا نفرض الخط على حاله والجزء يتحرك عليه من أوّله إلى آخره ، فيعود المحذور. ولا مدخل لخلو البعض عن المالئ في جواز الحركة وعدمها ،
__________________
(١) راجع المطالب العالية ٦ : ٢١. وقال فيه : «فأباه الجبائي والأشعري وجوزه أبو هاشم والقاضي عبد الجبار».