المسألة الرابعة : في صحّة كون الجوهر مكانا
اعلم أنّ المكان هنا في مصطلح هؤلاء أنّه : ما يعتمده المتمكن. وقد اختلف الشيخان في أنّه هل يمكن أن يكون الجوهر مكانا لغيره؟ فجوزه أبو علي وأكثر المشايخ ، ومنعه أبو هاشم بناء منه على أنّ المكان يعتبر فيه كثرة أجزائه على أجزاء المتمكن.
وهذا باطل ، بل لو حصل في الجزء الواحد سكون يمنع ثقل المتمكن من توليد الهوى فيه فقد صار مكانا له. وكذا الأجزاء القليلة مع كثرة أجزاء المتمكن بعد أن يختص المكان بسكون كثير ، لأنّه لا يصير مكانا بكثرة أجزائه ، بل بما ذكرناه من منع الهوى للمتمكن فيه.
قال أبو هاشم : يصحّ أن تكون يد أحدنا مكانا للذبابة لما قصرت أجزاؤها عن أجزاء اليد ، ولم يصح أن تكون مكانا للحجر الثقيل لما زادت أجزاؤه على أجزاء اليد ، وكان من حق المكان أن تزيد أجزاؤه على أجزاء المتمكن ، وإذا كان كذلك ولا يزيد أحد الجزءين على صاحبه فيجب أن لا يكون الجزء مكانا لمثله أصلا.
وهو غلط ، لأنّ اليد لم تكن مكانا للحجر الثقيل لاحتياجها في مدافعة الثقل الذي فيه إلى سكون زائد وربما لم تتمكن من ذلك ، ولو فرضنا قدرته عليه كانت يده مكانا.