المسألة الخامسة : في أنّه هل يصحّ رؤيته؟
اتّفق المشايخ على أنّ الله تعالى يرى الجوهر منفردا عن غيره. وأمّا نحن فيصح منّا أن نراه عند انضمام غيره إليه. ولكن الخلاف في أنّه هل يصحّ منّا أن نراه منفردا؟ فجوزه الشيخ أبو علي عند قوة الشعاع ، وهذا هو الظاهر في كتاب ابنه أبي هاشم. لكن قد حكى عنه الشيخ أبو عبد الله البصري أنّه مع انفراده يستحيل أن يرى ؛ لأنّه إذا كان منفردا دخل في تضاعيف أجزاء الشعاع حتى يصير كالجزء منه ، ولا بدّ من فاصل بين ما يرى وبين ما يكون آلة في الرؤية ويرى به ، فلهذا لا يصحّ رؤية الشعاع ، فكذا الجزء الواحد لمّا داخله.
لا يقال : لو لم ير وحده لم ير منضما إلى مثله لهذه العلّة.
لأنّا نقول : إن كانت الحال في الجزءين والثلاثة حال هذا الجزء لم يصحّ رؤيتها ، وإن خالفت حالها حاله لم يجز القياس.
لا يقال : لو كان متلونا بغير لون الشعاع لم يثبت الالتباس ، فكان يجب رؤيته حينئذ.
لأنّا نقول : متى أجرينا الجزء مجرى الشعاع الذي به يرى ، فكما لا يجب رؤية لون الشعاع فكذا لون هذا الجزء.
وهذا ممنوع ؛ لأنّ الشعاع لمّا كان آلة لم ير لأنّ المتوسط بين آلة الإدراك والمدرك من شأنه أن لا يدرك بخلاف الجزء ، فإنّه ليس آلة البتة. على أنّ العلّة في امتناع رؤيته لو كانت هي انفراده لم يصح أن يراه الله تعالى ، ولمّا صحّ أن يرى مع الانضمام ، لأنّ التأليف لا مدخل له في الرؤية ، وكان يجب أن لا ترى الأجسام ؛ لأنّ انضمام ما ليس بمرئي إلى ما ليس بمرئي لا يصيّره مرئيا.
وهذا ممنوع ؛ لجواز أن يكون الانضمام شرطا في الرؤية عندنا.