العريض العميق (١). وبعضهم عرّفه بأنّه المنقسم مطلقا. وأمّا الفلاسفة فقالوا : الجسم يطلق بالاشتراك على معنيين (٢) :
أحدهما عرض وهو : الجسم التعليمي ، أعني الطول والعرض والعمق ، وهي الأبعاد الثلاثة المتقاطعة على زوايا قوائم. وقد عرفت (٣) البحث في إثباته ونفيه.
والثاني جوهر ، وحدّه في المشهور أنّه : الطويل العريض العميق. وقد تقدم في باب الكم (٤) الفرق بين هذه الأمور وبين الجسمية. وقد تقدم أنّ الجسم قد ينفك في الوجود الخارجي عن الخط (٥). وأمّا السطح فإنّه وإن كان لا ينفك عنه في الوجود الخارجي ، ولكنّه ينفك عنه في الوجود الذهني. وأمّا الجسم فإنّه وإن كان لا ينفك عنه في الخارج وفي الذهن إلّا أنّه مغاير للصورة الجسمية ؛ فإنّ الشمعة إذا شكّلتها بالأشكال المختلفة كانت الجسمية الواحدة محفوظة والمقادير مختلفة ، فليس كون الجسم جسما باعتبار هذه الأمور.
قال أصحاب هذا الرسم (٦) : لا شكّ أنّ الجسم لا يخلو عن صحّة فرض هذه الأبعاد فيه ، فهذه الخطوط المفترضة إن كانت مفروضة في اتصال الجسم وإن
__________________
(١) هذا التعريف للمعتزلة. ولعلّهم أخذوه من المعنى اليوناني القائل : بأنّ الجسم هو ذو الثلاثة أبعاد الطول والعرض والعمق ، وهو ما ملأ مكانا. والتعريف الثاني في عبارات المصنف قال به الاسكافي من المعتزلة ، واتّفق معه أكثر الأشاعرة والماتريدية وهو قولهم : إنّ الجسم هو المؤلف ، أو هو : الجوهر القابل للانقسام من غير تقييد بالأبعاد الثلاثة. راجع التصور الذري في الفكر الفلسفي الإسلامي : ٥٤ ـ ٥٦.
(٢) راجع ابن سينا ، رسالة الحدود (حد الجسم).
(٣) في المجلد الأوّل ، ص ٣٢٧.
(٤) في المجلد الأوّل ، ص ٣٢٦.
(٥) مثل الكرة الساكنة الخالية عن الحركة.
(٦) وهم المعتزلة كما مرّ.