لم تكن مفروضة فيه (١) ، فلا بدّ وأن يكون الاتصال حاصلا عند ذلك الفرض ، ولا شكّ أنّ ذلك الاتصال كان موجودا قبل ذلك الفرض ، لأنّ صحّة الفرض إذا توقفت على ذلك الاتصال استحال أن يكون الاتصال موقوفا على وجود الفرض وإلّا دار. وإذا كانت الاتصالات موجودة قبل الفرض ، ولا (٢) شكّ أنّ الاتصالات إنّما تكون موجودة إذا كانت ممتدة في الجهات ، فالجسم لا يخلو عن هذه الامتدادات.
فإن عنيتم بقولكم (٣) «الاتصالات كانت موجودة» أنّ الاتصال الذي تفرض فيه الخطوط المتقاطعة موجود ، فذلك صحيح لكنّه هو الصورة الجسمية وذلك لا نزاع فيه. وإن عنيتم به أنّ هناك جهات متباينة مختلفة بالفعل تفرض فيها الخطوط الممكنة الفرض ، فليس الأمر كذلك ؛ لأنّه ليس يجب أن يكون عدد الجهات بالفعل بحسب الخطوط الممكنة الفرض ، وإلّا كانت الجهات غير متناهية بالفعل ، لأنّ الخطوط يمكن فرضها غير متناهية.
ولأنّ الجهة منتهى الإشارة ، وتلك الجهة إنّما تصير تلك الجهة بالفعل عند حصول ذلك الخط بالفعل ، ولولاه لم يكن لتلك الجهة من حيث إنّها تلك الجهة حصول بالفعل. فالاتصال الذي عرض له الآن إن حكم عليه بأنّه هذه الجهة أو في هذه الجهة ، موجود قبل الفرض. نعم لا توجد قبل الفرض هذه الجهة ، لأنّ هذه
__________________
(١) العبارة كذا في النسخ ، وفي المباحث المشرقية : «فهذه الخطوط المفترضة إمّا أن تكون مفروضة في اتصال الجسم أو لم تكن مفروضة فيه ، بل في غيره هيولى كان أو غيره ، فلا بد ...» ، ٢ : ١٠.
وفي الأسفار : «وهذه الخطوط المفروضة إمّا أن تكون مفروضة في اتصال الجسم ، فيكون الاتصال حاصلا بالفعل في الجسم وإلّا لم تكن مفروضة فيه بل في معنى آخر غير الاتصال والمتصل بنفسه هيولى كان أو غيرها فلا بد ...» ، ٥ : ٦.
(٢) في المباحث : «فلا».
(٣) هذا إشكال على تعريف المعتزلة المشهور للجسم.