فنقول : هذه الطبيعة إن كانت في الخارج كانت شخصية ولم تصلح للكلية ، وإن كانت ذهنية تضاعفت الصورة. ثمّ لو كفى أحد هذين الاعتبارين في كلية الصورة الذهنية ، فليكف في كلية الصورة الخارجية ، بأن نقول : هذه الصورة الخارجية وإن كانت شخصية إلّا أنّ الطبيعة التي اشتمل ذلك الشخص عليها لو كانت في أيّ مادة من مواد الأشخاص كانت تحصل ذلك الشخص بعينه ، أو أي واحد من تلك الأشخاص سبق إلى أن يدركه زيد حصل في عقله تلك الصورة بعينها ؛ لصدق هذين الاعتبارين في الشخص الخارجي كما صدقا في الشخصي الذهني. فإنّ الكلّية بالمعنى الأوّل حصلت باعتبار تقدير فرض الطبيعة موجودة في أيّ مادة فرضت بدل المادة التي وحدت تلك الطبيعة فيها. وبالمعنى الثاني حصلت باعتبار أنّ أيّ صورة عقلت أوّلا ساوت الصورة المعقولة أوّلا غيرها.
واعلم (١) أنّ الصورة النفسانية هيئة جزئية في نفس جزئية ، فهي أحد أشخاص التصورات ، وكما أنّ الشيء الواحد باعتبارات مختلفة يكون عاما وخاصا ، كذلك باعتبارات مختلفة يكون كليا وجزئيا ، فمن حيث إنّ هذه الصورة صورة معينة هي صورة الإنسانية ـ مثلا ـ في نفس جزئية ، هي نفس زيد العاقل لها فهي جزئية ، ومن حيث إنّها مشتركة فيها متعلّقة بالأشخاص الخارجية على ما فسرنا التعلق به فهي كلّية من غير تناقض ؛ لاختلاف الاعتبار ، لأنّه ليس يمتنع أن تفرض للذات الواحدة شركة بالإضافة إلى كثيرين ، فإنّ الشركة في الكثرة إنّما يمكن بالإضافة لا غير ، ولو كانت الإضافة لكثرة إلى كثرة لم تكن هناك شركة ، فإذن يجب أن تكون هناك إضافات كثيرة لذات واحدة بالعدد ، وهذه الصورة وإن كانت بالقياس إلى الأشخاص المضافة إليها كلّية ، لكنّها بالقياس إلى النفس الجزئية التي انطبعت فيها شخصية.
__________________
(١) قارن : المباحث المشرقية ١ : ٤٥٤ ـ ٤٥٥.