البحث الرابع
في إبطال الهيولى (١)
لنا على ذلك وجوه :
الوجه الأوّل (٢) : الهيولى إمّا أن تكون ذات وضع أو لا ، والقسمان باطلان ، فلا يكون لها وجود البتة.
أمّا الأوّل ، فلأنّ تحيزها إمّا أن يكون بالاستقلال أو بالتبعية ، فإن كان الأوّل لزم اجتماع المثلين عند حلول الصورة الجسمية فيها ؛ ولزم الترجيح من غير مرجح ، إذ لا أولوية لأحدهما بكونها محلا وللأخرى بكونها حالّا دون العكس. ولأنّ الهيولى إن احتاجت حينئذ إلى محل تسلسل ، وإلّا لكانت الجسمية غنيّة عن المحل وهو المطلوب.
وإذا كان الثاني ، وهو أن يكون حصول الهيولى في ذلك الحيز تبعا لحصول الصورة فيه كانت الهيولى صفة والصورة موصوفة فتكون الهيولى صفة حالّة في الجسم ، وهو مغاير لدعوى أنّ الجسمية حالّة في الهيولى.
__________________
(١) راجع شرح الإشارات ٢ : ٤٦ ؛ المطالب العالية ٦ : ٢١١.
(٢) ذكره الرازي في شرحه على الإشارات ، النمط الأوّل ، حيث قال : «اعلم أنّ لنفاة الهيولى أن يقولوا هذه الهيولى ...» ، وفي المباحث المشرقية ٢ : ٥٢ ـ ٥٣.