على وجوب البداية للأمور المترتبة ، ولم يقم على وجوب النهاية لها.
وفيه نظر ، فإنّ برهان التطبيق (١) آت فيها.
واعلم أنّ هذا المحال إنّما نشأ من القول بإثبات الصور الذهنية ، أمّا على ما اخترناه من أنّه إضافة أو صفة تلزمها الإضافة فلا.
المسألة التاسعة : في مراتب التعقل
قسّم الرئيس التعقل إلى مراتب ثلاث : (٢)
الأولى : أن يكون بالقوة ، وذلك عند ما لا يكون حاصلا للذات العاقلة ، ولكن النفس تقوى على تحصيلها واكتسابها. وهذه المرتبة تشتمل على مراتب مختلفة بحسب القرب إلى الحصول العقلي والبعد عنه.
الثانية : أن يكون حاصلا بالفعل التام على سبيل التفصيل بحيث يحضر عند المدرك جميع أجزاء ذلك المعلوم إن كان ذا أجزاء ، وبالجملة يكون حاصلا له من كلّ وجه بالفعل.
الثالثة : أن يكون حاصلا بالفعل على سبيل الإجمال لا التفصيل ، بل على الوجه البسيط ، كمن علم مسألة على سبيل التفصيل ثمّ غفل عنها فإذا سئل عنها حصل الجواب في ذهنه دفعة واحدة لا على سبيل التفصيل ؛ لأنّ التفصيل إنّما يحصل عند شروعه في بيان ذلك ، وأمّا في أوّل الأمر فإنّه يحصل العلم بذلك الجواب دفعة.
ولا يمكن أن يقال : إن علمه بذلك الجواب في تلك الحالة ، إنّما هو علم
__________________
(١) برهان التطبيق هو أحد براهين استحالة التسلسل وفيه نقاش فليراجع : ٢ لأسفار ٢ : ١٤٥ وما يليها.
(٢) الفصل الخامس من المقالة الأولى من الفنّ السادس من طبيعيات الشفاء.