الصورة أو حصلت بذلك ، وهذان باطلان.
أمّا الأوّل : فلأنّ الهيولى قبل الصورة لم تكن متعلقة بالموضع الذي حصلت فيه مع الصورة ، فلا يمكن أن يقال : إنّ حصولها في ذلك إنّما كان لأنّ الصورة لحقتها هناك ، لأنّ الهيولى لم تكن هناك ولا في موضع آخر.
لا يقال : هذا ينتقض بالهيولى الكائنة في صورة توجب لها وضعا معينا ، كجزء من الهواء مثلا إذا كان في موضعه الطبيعي ، فإنّ صورته الهوائية توجب لمادّته وضعا هناك ، أو يكون قد عرض للهيولى وضع هناك ، كجزء من الهواء أخرج عن موضعه بالقسر إلى الموضع الطبيعي للماء يعرض (١) لها وضع هناك ، ثمّ فسدت صورة الجزءين بسبب ولحقت صورة الماء بمادتها هناك ، فحصلت الهيولى مع الصورة اللاحقة بها في موضع خاص لكون ذلك الموضع أولى بها ، والأولويّة (٢) كانت حاصلة قبل هذا اللحوق بحسب الصورة السابقة والأحوال العارضة لها.
وأيضا الجزء من الأرض ليس له حيز معين ، بل جميع أجزاء الأرض بالنسبة إلى ذلك الجزء على السواء ومع ذلك فقد تخصص بجزء واحد من كلّ الحيز.
لأنّا نقول : هذا لا يمكن في الهيولى المجردة ، لأنّها مجرّدة عن جميع الصور بحسب الفرض. والسبب في اختصاص الجزء المعين من الأرض مثلا بجزء من أجزاء حيزه هو أنّ مادّة ذلك الجزء كانت قبل اتصافها بالصورة الأرضية في صورة أخرى وكان لها بسبب تلك الصورة وضع وكان ذلك الوضع على حال متى زالت تلك الصورة عن تلك المادة وحصلت فيها الأرضية فإنّه يتعين ذلك الجزء لها ، كالجزء من الهواء إذا زالت الهوائية عنه وصادفته الأرضية فإنّه (٣) يسقط على أقرب
__________________
(١) في شرح الإشارات : «فعرض».
(٢) في النسخ : «الأوليّة» ، وما أثبتناه من شرح الإشارات ٢ : ٩٦.
(٣) في النسخ : «فانّها» ، أصلحناها طبقا للسياق.