البحث الثاني
في أنّ الصورة لا تنفك عن الهيولى (١)
استدلوا على ذلك بوجوه :
الوجه الأوّل : الشكل لازم للجسمية بواسطة التناهي ، لأنّ الشكل وإن قيل (٢) في تعريفه إنّه : «ما أحاط به حدّ واحد أو حدود» ، لكنّه إذا حقّق كانت ماهيته من الكيفيات المختصة بالكميات على ما تقدم ، والحدّ هنا النهاية ، فالمفهوم من الشكل هو : هيئة شيء تحيط به نهاية واحدة أو أكثر من جهة إحاطتها به» (٣) ، فالمتناهي يجب أن يكون ذا شكل بالضرورة ، والامتداد الجسماني متناه فهو ذو شكل ، فلا يخلو إمّا أن يكون هذا اللازم يلزمه ولو انفرد بنفسه عن نفسه ، أي لزوم الشكل يكون للجسمية من حيث هي منفردة بنفسها عن المادة وما (٤)
__________________
(١) راجع شرح الإشارات ٢ : ٧٣ ؛ التحصيل : ٣٤٦ (الفصل الثالث عشر) ؛ المباحث المشرقية ٢ : ٥٩ ـ ٦١ ؛ إيضاح المقاصد من حكمة عين القواعد : ١٣٢ ؛ شرح المواقف ٧ : ٥٢ ـ ٥٨.
(٢) والقائل هو اقليدس حيث يعرف الشكل) Figura (بأنّه هيئة للجسم أو السطح محدودة بحد واحد ، كالكرة أو الدائرة ، أو بحدود كثيرة ، كالمثلث والمربع والمكعب. راجع شرح قطب الدين الرازي على شرح الإشارات ٢ : ٧٣ ؛ جميل صليبا ، المعجم الفلسفي ١ : ٧٠٧.
(٣) أي إحاطة الحدود بالشيء. وهذا القيد احتراز عن السواد والبياض وغيرهما التي تعرض للأجسام عند إحاطة الحدود بها ، لكن لا من جهة الحدود ، بل من جهة أخرى.
(٤) في النسخ : «امّا» ، ولعلّه تصحيف من النساخ ، والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه طبقا للمعنى.