الاختلاف هو الفصل والوصل ، فيكون توسط الشكل عبثا.
الثالث : سلمنا ، فلم لا يحصل بالفاعل؟
قوله : «لو كان كذلك لكانت الجسمية وحدها قابلة للفصل والوصل».
قلنا : هذا غير لازم لأنّ الشكل مغاير للفصل والوصل ، لأنّك إذا أخذت شمعة قدرت على تشكيلها بالأشكال المختلفة من غير أن تقع فيه قسمة.
الرابع : هذا المحال يلزم الفلاسفة أيضا ، لأنّهم قالوا : لا يجوز أن يكون سبب لزوم الشكل للامتداد (١) المنفرد عن القابل هو نفس الامتداد ، لأنّ الامتداد له طبيعة واحدة فيجب أن يتّحد مقتضاها ويكون شكل الكل والجزء واحدا. وهم يقولون : إنّ شكل الفلك لازم لطبيعته وصورته النوعية ، وهي واحدة في الكل والجزء وليس لجزء الفلك شكل كله ، فإذا جاز اسناد شكل الفلك إلى طبيعة يتساوى الجزء والكل فيها مع امتناع تساويهما في الشكل ، فلم لا يجوز أن تكون الصورة المنفردة تقتضي شكلا ولا يتساوى كلّها وجزؤها فيه وكذلك جميع البسائط إذا تخالفت أحكام الكل والجزء فيها مع تساوي طبائعها ، كالأرض المخالفة لبعض أجزائها في توسط الأجرام؟
وأجاب عنه الرئيس بالفرق بما يقتضي لزوم المحال في إحدى الصورتين دون الأخرى ، وذلك أنّ الفلك له مادة قد عرض له بسببها الكلية والجزئية ، وفاعل ـ هو الصورة النوعية ـ أوجب حصول ذلك المقدار والشكل فيها فصيّرها كلا ، ومنع (٢) ذلك السبب بعينه (٣) أن يكون لما يفرض أجزاء له بعده مثل ذلك ، لاستحالة أن يكون الجزء مثل الكل ما دام الجزء جزءا والكل كلا ، وأمّا الامتداد
__________________
(١) في النسخ : «الامتداد» ، وما أثبتناه من شرح الإشارات ٢ : ٨٣.
(٢) في النسخ : «مع» ، وما أثبتناه من المصدر نفسه : ٨٥.
(٣) في النسخ : «يعتبر» ، وما أثبتناه من المصدر نفسه.