البحث الثالث
في كيفية تعلّق الهيولى بالصورة (١)
قالت الفلاسفة : البحث في هذه المسألة يتوقف على مقدمتين :
المقدمة الأولى : قد ثبت ممّا مرّ أنّ كلّ واحدة من الهيولى والصورة لا تنفك عن الأخرى ، فبينهما تلازم. وكلّ شيئين متلازمين في الوجود لا في الماهية فلا بدّ وأن يكون أحدهما مقدّما على الآخر بالعلّية. واحترزنا بقولنا [لا] في الماهية عن تلازم الإضافتين.
والدليل عليه : أنّ كلّ شيئين يستغني كلّ واحد منهما عن الآخر وعن جميع ما لا يوجد الآخر إلّا عند وجوده فانّه يكون كلّ واحد منهما غنيا عن الآخر مطلقا ، وإذا كان غنيا عنه فلا يتوقف وجود أحدهما على الآخر فلا تكون بينهما ملازمة. فإذن لا بدّ في المتلازمين من أن تكون لأحدهما حاجة إلى الآخر ، أو إلى ما يحتاج إليه ذلك الآخر. فأمّا الأوّل فهو المطلوب. وأمّا الثاني وهو أن يحتاجا إلى ثالث فلا بدّ وأن يتقدّم أحدهما على الآخر ولا يكونان معا في الدرجة ، بناء على أنّ العلّة
__________________
(١) راجع الرابع من ثانية إلهيات الشفاء ؛ شرح الإشارات ٢ : ١١٥ ؛ بهمنيار ، التحصيل : ٣٣٩ (الفصل الثاني عشر من المقالة الأولى من علم ما بعد الطبيعة) ؛ المباحث المشرقية ٢ : ٦١ ـ ٦٤ ؛ إيضاح المقاصد : ١٣٥.