للعلم بأنّ كون الجسم بحيث يستحق أينا هو غير حصوله في ذلك الأين. ولأنّ بقاءها في بعض الأجسام مع زوال الأعراض يدل على المغايرة ؛ فإنّ السبب المقتضي لسهولة تشكّل الماء ولردّه إلى مكانه الطبيعي ووضعه الطبيعي باق عند جموده أو إصعاده بالقسر أو تكعيبه.
والاعتراض من وجوه (١) :
الأوّل : لا نسلّم اشتراك الأجسام في الجسمية.
الثاني : الأجسام كما اختلفت في الصفات التي ذكرتموها فقد اختلفت أيضا في الصور التي جعلتموها مبادئ تلك الصفات ، فإن اقتضى اختلاف الأعراض اسنادها (٢) إلى صور مختلفة اقتضى اختلاف الصور أيضا إسناده (٣) إلى أمور مختلفة. ثمّ الكلام فيها كالكلام في الأوّل ، فيلزم التسلسل.
لا يقال : اختصاص الجسم العنصري المعين بالصور المعينة إنّما كان لأنّ المادة قبل حدوث تلك الصورة فيها كانت موصوفة بصورة أخرى لأجلها استعدت المادة لقبول الصورة اللاحقة ، وأمّا اختصاص الأجسام الفلكية بصورها النوعية فلأنّ لكلّ فلك مادة مخالفة بالماهية لمادة الفلك الآخر (٤) ، وكلّ مادة إنّما تقبل الصورة التي حصلت فيها دون غيرها.
لأنّا نقول : إذا جوزتم ذلك فجوزوا مثله في الكيفيات حتى يقال : الأجسام
__________________
(١) ذكرها الرازي في شرحه على الإشارات ، الفصل ١٧. وقد ناقش شيخ الإشراق أيضا وجوه المثبتين للصور النوعية الجوهرية في المقاومات : ١٤٩ ـ ١٥٢ ؛ المطارحات : ٢٨٤ ـ ٢٩٣ ؛ حكمة الإشراق : ٨٢ ـ ٨٨. وأجابه صدر المتألهين في الأسفار ٥ : ١٦٧ ـ ١٨٠.
(٢) في شرح الإشارات : «استنادها».
(٣) ق : «إسناده» ساقطة.
(٤) هذا مذهب القدماء من الفلاسفة بانّ كلّ فلك هيولى مغايرا بالنوع لهيولى الأفلاك الأخر.