وصعوبة قبولها وعدم قبولها ـ من اسنادها إلى علل وجودية ، فلم قلتم : إنّ تلك العلل صور؟ وذلك لأنّ الصورة عبارة عن الحالّ المقوّم لمحلّه الذي هو سبب لوجود محلّه. فهب أنّ الحجّة المذكورة دلت على تعليل هذه الأعراض بأمور موجودة في الأجسام ، لكن لا بدّ من الدلالة على أنّ تلك الأمور أسباب لوجود تلك الأجسام حتى يثبت كون تلك الأمور صورا ، وإلّا فلا تكون صورا بل أعراضا (١).
وهو قريب ممّا مرّ أوّلا.
الخامس : هذه الصور التي أثبتموها محتاجة إلى الجسمية ، لأنّها إمّا أن تكون حالّة في الجسمية أو في الهيولى بشرط حلول الجسمية فيها ، وعلى التقديرين فانّها محتاجة إلى الجسمية ، فلو كانت الجسمية معللة بها لزم الدور.
أجاب أفضل المحقّقين : بأنّ الصور ليس من شرطها أن تقوّم الجسمية ، بل من شرطها أن تقوّم الهيولى ، وهذه الصور تقوّمها من غير دور (٢).
وفيه نظر ، لأنّ هذه الصور منوّعة ، فتكون في الحقيقة فصولا للأجسام ، فتكون مقوّمة لها.
السادس : إمّا أن تثبتوا في الجسم صورة واحدة تكون هي مبدأ لما فيه من الكيف والمقدار والشكل ، فيلزم صدور الأمور المتكثرة عن الصورة الواحدة ، وهو عندهم محال. أو تثبتوا في الجسم بحسب كلّ عرض مخصوص صورة مخصوصة ، فحينئذ يلزم إثبات صور كثيرة للمادة الواحدة ، وهو محال.
لا يقال : هذه الصور مترتبة.
لأنّا نقول : هذه الأعراض غير مترتبة ، فانّه ليس بأن يقال : حصول الجسم
__________________
(١) قال الرازي : «وإلى الآن ما رأيت أحدا يشاغل بإقامة البرهان على ذلك» ، راجع شرحه على الإشارات ، الفصل ١٧.
(٢) شرح الإشارات ٢ : ١٠٩.