البحث الثاني
في أنّ الأجسام باقية (١)
جمهور العقلاء على ذلك ، وخالف فيه النظام (٢). وأكثر الناس ادّعوا الضرورة في ذلك ؛ فإنّا نعلم بالضرورة أنّ أبداننا باقية ، وأنّ الجسم الذي في يدي من أوّل النهار إلى آخره لم يعدم في جميع آنات ذلك الزمان ، ومن شكّ في ذلك فهو سوفسطائي.
__________________
(١) انظر البحث في الانتصار للخياط المعتزلي : ١٩ و ٢١ ؛ أوائل المقالات : ٩٦ ـ ٩٧ ؛ نقد المحصل : ٢١١ ؛ كشف المراد : ١٦٩ ؛ مناهج اليقين : ٤٤ ؛ شرح المواقف ٧ : ٢٣١ ؛ شرح المقاصد ٣ : ٨٤.
(٢) قال الطوسي : «هذا النقل من النظام غير معتمد عليه. وقال بعضهم : إنّه قال باحتياج الأجسام إلى المؤثر حال البقاء ، فذهب وهم النقلة إلى أنّه لا يقول ببقائها». نقد المحصل : ٢١١. وقد ذهب العلامة حسن زاده الآملي في تعليقته على كشف المراد إلى انّ مذهب النظام نفس القول بحركة الجوهر ودافع عنه حيث قال : «فقد تفوّه النظام بالقول الحقّ أعني القول بحركة الجوهر ، لأنّ الأعراض هي المرتبة النازلة للجوهر ، فإذا كانت متجددة آنا فآنا كانت موضوعاتها متجددة أيضا وهذه حجّة من حجج إثبات الحركة في الجوهر ... فالأجسام ليس بباقية بالبرهان ، فهي متجددة آنا فآنا ...» ، ص ٥٤٩.
وفيه نظر ؛ لانّ الجوهر في القول بالحركة الجوهرية واحد مستمر يتحرك نحو الكمال وأمّا في رأي النظام يتبدل الجوهر ويتجدد آنا فآنا ، وهو في الحقيقة جواهر متعددة لا جوهر واحد.