البحث الثالث
في نسبة التلازم بين الجواهر والأعراض (١)
اختلف الشيخان فقال أبو هاشم : يجوز خلو الجواهر من جميع ما يصحّ وجوده فيه من لون وطعم ورائحة وغيرها إلّا الكون ، فإنّه يستحيل خلوه منه ؛ لأنّه لا يمكن أن يوجد إلّا متحيزا ولا يجوز وجود المتحيز إلّا في جهة ، ولا يحصل كذلك إلّا بكون ، بخلاف باقي المعاني. وهو مذهب الأوائل ، لكن أضافوا إلى الكون الشكل والمقدار ، لكن أبو هاشم جوز خلو الجسم من هذه المعاني في الأصل ، فإن وجد فيه لون لم يصحّ من بعد خلوه منه ما دام موجودا ، إلّا إلى ضدّ يشارك حاله الأوّل في صحّة البقاء عليه وأن لا ينتفي إلّا بضد. وإنّما يصحّ عدمه أصلا بعدم المحلّ ، وكذا باقي الأعراض.
__________________
(١) وهذا التلازم دفع بعض المتكلمين إلى أن يتصوروا أنّ الجواهر أعراض مجتمعة. أنظر البحث في الكتب التالية : المحيط بالتكليف : ٦٢ ؛ شرح الأصول الخمسة : ١١١. والبحث فيهما بعد البحث في إثبات الأعراض وحدوثها لكي ينتج بعد إثبات التلازم بين الجواهر والأعراض ، حدوث الجواهر والعالم وقدم الباري تعالى. راجع أيضا الشهرستاني ، نهاية الاقدام في علم الكلام : ١٦٥ ـ ١٦٦ ؛ أوائل المقالات : ٩٦ ؛ أبو رشيد النيشابوري ، المسائل : (جزء منه المطبوع ضمن كتاب التوحيد) : ٢١ (في أنّ الجوهر يجوز أن يخلو من كلّ عرض ما خلا الكون) وكتاب التوحيد : ١٤٨ ـ ١٩٥ ؛ الباقلاني وآراؤه الكلامية : ٣٦٥ ؛ البغدادي ، أصول الدين : ٥٦ (المسألة العاشرة من الأصل الثاني) ؛ نقد المحصل : ٢١٢ ؛ كشف المراد : ١٦٩ ؛ شرح المواقف ٧ : ٢٣٤ ؛ شرح المقاصد ٣ : ١٠٩.