وقد يطلق الفكر على ما هو أخصّ من ذلك ، وهو حركة من جملة الحركات المذكورة ، تتوجه النفس بها من المطالب ، مترددة في المعاني الحاضرة عندها ، طالبة مبادئ تلك المطالب المؤدية إليها إلى أن تجدها ثمّ يرجع منها نحو المطالب. (١)
وقد يطلق على معنى آخر ، وهو الحركة الأولى لا غير ، وهي الحركة من المطالب إلى المبادئ من غير أن يجعل الرجوع إلى المطالب جزءا منه وإن كان الغرض منها هو الرجوع إلى المطالب.
والأوّل هو الفكر المعدود في خواصّ نوع الإنسان ، والثالث هو الفكر الذي يستعمل بإزائه الحدس ، والثاني مركب منهما.
وأمّا الحدس (٢) فهو الظفر عند الالتفات إلى المطالب بالحدود الوسطى دفعة ، وتمثل تلك المطالب في الذهن مع الحدود الوسطى كذلك من غير الحركتين المذكورتين ، سواء كان مع شوق أو لا معه.
فالفرق بين الفكر والحدس من وجهين :
الأوّل : بإمكان الانبتات (٣) ولا إمكانه ، إلّا أنّ الفكر المنبتّ لا يكون مؤديا إلى علم ، وربما لا يسمى فكرا.
الثاني : بوجود الحركة وعدمها ، وهذا هو الصحيح في الفرق بينهما.
__________________
(١) قال بهمنيار : «الفكر حركة ذهن الإنسان نحو المبادي للمطالب ، ليصير منها إلى المطالب.» التحصيل : ٢٦٤.
(٢) عرفه بهمنيار : «الحدس : حركة النفس إلى إصابة الحدّ الأوسط ـ إذا وضع المطلوب ـ أو إصابة الحدّ الأكبر ـ إذا أصيب الأوسط ـ وبالجملة سرعة انتقال من معلوم إلى مجهول ، كمن يرى شكل استنارة القمر ، عند أحوال قربه وبعده من الشمس ، فيحدس أنّه يستنير من الشمس.» نفس المصدر.
(٣) أي احتمال عدم الوصول إلى المطلوب.