البحث الخامس
في بقايا أحكام الجواهر على رأي المشايخ
وهي اثني عشر :
الأوّل : قالوا : حقيقة الجوهر ما له حيز عند الوجود (١). والمتحيز هو : المختص بحال لكونه عليها يتعاظم بانضمام غيره إليه ، أو يشغل قدرا من المكان ، أو ما يقدر تقدير المكان (٢) ، فيكون قد جاز ذلك المكان ، أو يمنع غيره من انتقاله عن أن يحصل بحيث هو.
وإنّما يحتاج الجسم إلى مكان عند حالتين :
إحداهما : أن يكون الجسم حيا منصرفا ، فلا بدّ له من مكان نقله (٣) ويثبت عليه.
__________________
(١) قال القاضي عبد الجبار : «إنّ الجسم لا بدّ من أن يكون متحيزا عند الوجود» ، شرح الأصول الخمسة : ١١٢. وقال النيسابوري : «وجود الجوهر شرط في تحيزه ، فلا جرم لا يصحّ أن يوجد الجوهر من دون التحيّز ...» ، التوحيد : ٢٧.
وهكذا قال الفلاسفة ، كما في الشفاء : «فإنّه لا جسم إلّا ويلحقه أن يكون له حيز ...» ، الفصل الحادي عشر من المقالة الرابعة من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء.
(٢) هكذا عرفه الباقلاني حيث قال : «والحيز هو المكان ، أو ما يقدر تقدير المكان» ، الباقلاني وآراؤه الكلامية : ٣٢٢ نقلا عن الانصاف للباقلاني : ١٦.
(٣) كذا.