الحقيقة المتصورة من حيث إنّها متصورة غير ممكنة ، بل في إطلاق تلك اللفظة على تلك الحقيقة ، وهو لفظي. ولأنّ النزاع لم يقع في المعرفة الساذجة بل في الحكم ، لجواز إطلاق تلك اللفظة على تلك الحقيقة المتصورة ، فالإبطال والإثبات في الحقيقة واقعان في التصديق. وقول الحادّ : الإنسان حيوان ناطق ، ليس دعوى إذا ذكر على وجه الحدية بأن يشير إلى هذه الماهية المتصورة من غير حكم ، فلا يمنع. وقد يريد أنّ ذات الإنسان محكوم عليها بالحيوانية والنطق ، فيمنع. ولا يتوجه النقض على الحدّ إذا لم ينضم إليه دعوى ، كمن حدّ العلم بأنّه الذي يصحّ من المتصف به إحكام الفعل ، فينتقض بالعلم بالواجبات والمحالات. وإنّما توجه النقض لأنّه سلم وجود العلم المتعلّق بالمحالات ، ولو لم تسلم هذه الدعوى لم يتوجه النقض.
والمعارضة لا تقدح في الحدّ إلّا عند تسليم دعوى ، وإلّا فالحقائق غير متعاندة في ماهياتها ، فإنّ من عارض هذا الحدّ بأنّه الاعتقاد المقتضي سكون النفس ، فليس بين هاتين الحقيقتين تعاند ، فإنّ حقيقة أمر تقتضي للمتصف به صحّة الإحكام من حيث إنّها هذه الحقيقة لا تنافي حقيقة اعتقاد تقتضي سكون النفس من حيث إنّها هذه الحقيقة ، وإذا لم يكن بين الحقائق منافاة لم تتحقق المعارضة في الحدود.
المسألة الثانية عشرة : في أحكام التصديق
وهي عشرة :
الأوّل : التصديق والقضية والخبر والقول الجازم كلّها بمعنى واحد ، وهو قول يقال لقائله : إنّه صادق أو كاذب. والصدق والكذب وإن كانا عرضيين