ذاتيين لا يمكن تعريفهما إلّا بذكر معروضهما ، لكن لم يقصد التعريف الحقيقي هنا ، بل اللفظي. وهذه القضية : إمّا حملية ، أو شرطية. والشرطية : إمّا متصلة ، أو منفصلة. والمنفصلة إمّا حقيقية تمنع الجمع والخلو ، أو غيرها تمنع أحدهما خاصة. والمتصلة : إمّا لزومية ، أو اتّفاقية. والمنفصلة إمّا عنادية أو اتّفاقية.
الثاني : كلّ حملية لا بدّ فيها من موضوع هو المحكوم عليه ، ومحمول هو المحكوم به ، ونسبة بينهما بها يربط المحمول بالموضوع. وتلك النسبة لا بدّ لها من لفظ يدل عليها ، وقد تحذف في بعض اللغات للعلم بها. ولا بدّ لها من كيفية تدلّ على وثاقتها وضعفها ، هي إمّا الضرورة ، أو الإمكان ، أو الدوام ، أو الإطلاق ، أو مقابلات هذه. فإن أخذت في نفس الأمر فهي مادة ، وإن أخذت معقولة أو ملفوظة فهي جهة (١) ، ولا يجب توافقهما. (٢)
الثالث (٣) : النسبة قد تكون بالإيجاب ، على معنى أنّ المحمول صادق على الموضوع. وقد تكون بالسلب ، بأن سلب المحمول عن الموضوع ، ولا عبرة بإيجاب الطرفين ، ولا سلبهما. لكن إذا كان أحدهما عدميا سميت معدولة ، وهو في غالب الاصطلاح يتعلّق بالمحمول ، وقد يثبت في الموضوع وفيهما معا.
ويحصل الاشتباه كثيرا بين السالبة البسيطة والمعدولة المحمول ، فيفرق بينهما لفظا بالنية (٤) والاصطلاح كتخصيص المعدولة ب «غير» و «لا». والسلب ب «ليس»
__________________
(١) قال الطوسي : «والفرق بينهما (المادة والجهة) أنّ المادّة هي تلك النسبة في نفس الأمر ، والجهة هي ما يفهم ويتصوّر عند النظر في تلك القضيّة من نسبة محمولها إلى موضوعها سواء تلفّظ بها أو لم يتلفّظ ، وسواء طابقت المادّة أو لم يطابق». شرح الإشارات ١ : ١٤٣.
(٢) لجواز أن يكون ما نعقله أو نتلفّظ به غير مطابق لنفس الأمر.
(٣) راجع الجوهر النضيد : ٥٢.
(٤) كذا ، وفي الجوهر النضيد : «اللغة».