يكون معلوما بحقيقته ، فجاز أن يعلم ببعض اعتباراته.
وكذا الجواب عن الثاني ، فإنّ العلم بالاتصاف يستدعي العلم بالموصوف والصفة ، لا من كلّ وجه بل من بعض الوجوه ، فجاز أن يكون مجهول الماهية ويطلب بالحدّ تعريفه.
المسألة الثانية : في أنّ العلم ليس عدميا (١)
اضطرب كلام الشيخ في حقيقة العلم ، فتارة جعله أمرا عدميا حيث بيّن أنّ الباري تعالى عقل وعاقل ومعقول ، وأنّ ذلك لا يقتضي كثرة في ذاته ؛ لأنّ العلم هو التجرّد عن المادة. (٢)
وتارة يجعله صورة مساوية للمعلوم مرتسمة في الجوهر العاقل. وذلك حينما بيّن أنّ تعقل الشيء لذاته ولآلة ذاته ليس إلّا حضور ذاته عند ذاته. وأيضا قال في الإشارات : «إدراك الشيء هو أن تكون حقيقته متمثلة عند المدرك يشاهدها ما به يدرك». (٣)
وتارة يجعله مجرّد إضافة. وذلك عند ما يبيّن أنّ العقل البسيط ـ الذي لواجب الوجود ـ ليست عقليته لأجل حصول صور كثيرة فيه ، بل لأجل فيضانها (٤) عنه ، حتّى يكون العقل البسيط كالمبدإ الخلّاق للصور
__________________
(١) قارن المباحث المشرقية ١ : ٤٤٤ ـ ٤٤٦.
(٢) راجع النجاة : ٢٤٣ ـ ٢٤٥.
(٣) شرح الإشارات ٢ : ٣٠٨.
(٤) لقد فهموا الاضافة المقولية من هذه الكلمة «الفيضان» ، ولكن المراد منها الإضافة الاشراقية التي بها تحصل الصور من إشراق ذاته تعالى. ولهذا وصف صدر المتألهين استناد الاضطراب إلى كلمات الشيخ بقوله : «الزعم من الناس» فراجع الأسفار ٣ : ٢٨٤.