الوجه الرابع : كون الماهية قابلة للوجود حكم ثابت لا بالفاعل بل لذاتها. فإذن ذواتها قابلة للوجود ، فتلك القابلية يكون المؤثر فيها ذات الماهية ولا يمكن أن يكون ذلك التأثير متوقّفا على الوجود ، وإلّا دار ، ولمّا بطل ذلك ثبت المطلوب.
قوله في الوجه الثالث على إمكان العالم : «الجسم مركّب من المادة والصورة» (١) باطل عندكم ، وقد بنيتم الطريقة الأولى على إبطال ذلك. وإذا كان كذلك لم يكن بناء الحجّة عليها بناء برهانيا بل إلزاميا ، وهو غير مفيد.
سلّمنا ، لكن لم قلتم : إنّ الهيولى والصورة ممكنتان؟
وحلول (٢) الصورة لا يقتضي حاجتها ؛ لجواز أن تكون الصورة غنية في ذاتها عن الهيولى ، لكنّها اقتضت لذاتها المقارنة للهيولى.
سلّمنا (٣) ، فلم قلتم : الهيولى محتاجة؟ وجاز أن تكون الهيولى علّة للصورة. والقبول لا ينافيه. (٤) لأنّ الفلاسفة عوّلوا على هذه المقدمة في صفاته (٥) تعالى ، وأنتم قدحتم فيها وكشفتم عن فسادها ، فكيف يمكنكم القول بها؟
قوله في الرابع : «الجسم ليس علّة الكائنية». (٦)
قلنا : ممنوع.
ولا يلزم (٧) حصول كلّ جسم في ذلك الحيز ، لما مرّ في الوجه الأوّل.
__________________
(١) راجع ص ١٠٠.
(٢) جواب لقوله : «الصورة حالة في الهيولى فتكون محتاجة إليها».
(٣) احتياج الصورة إلى الهيولى.
(٤) جواب لقوله : «الهيولى قابلة للصورة ، فلا تكون علّة لها».
(٥) نهاية العقول : «نفي صفاته».
(٦) راجع ص ١٠٠.
(٧) جواب لقوله : «يلزم أن يكون كلّ جسم حاصلا في ذلك الحيز».