الأجسام ويوجب وجود قادر يتولى تخصيص بعض (١) الأجسام بصفاتها المخصوصة وأعراضها المعيّنة.
سلّمنا أنّ [فاعل الأجسام] (٢) فاعل لها ، فلم قلتم : إنّه لا بدّ من حدوثها؟
وبيانه : ما سبق من أنّ احتياج الفعل إلى الفاعل ليس لأجل الحدوث. ولأنّ زوجية الأربعة وفردية الخمسة ممكنة لذواتها لاحتياجها إلى تلك الماهية فهي معلولة لها مع امتناع انفكاكها عنها.
ثمّ ينتقض دليلكم بكونه تعالى عالما بالعلم قادرا بالقدرة ، فإنّ علمه إن كان واجبا لذاته فقد وجد واجبان لذاتيهما وبطلت المقدمة الأولى. و (٣) إن كان ممكنا كان واجبا لوجوب ذاته ، ولزم كون الأثر والمؤثر ذاتين وبطلت الثانية.
والجواب قوله : «لا نسلم أنّ الوجوب ثبوتي». (٤)
قلنا : لأنّه يناقض اللاوجوب ، والموصوف باللاوجوب إمّا المحال وهو معدوم ، أو الممكن وهو جائز العدم. فإذن اللاوجوب إنّما يتّصف به المعدوم أو ما يجوز أن يكون معدوما ، وما كان كذلك امتنع أن يكون ثبوتيا ، فانّ الوصف الثبوتي لا يحصل للمعدوم ، فاللاوجوب عدمي فالوجوب ثبوتي ضرورة انقسام النقيضين في الثبوت والانتفاء.
ولأنّ المعقول من الوجوب استحقاق الوجود ، والضرورة قاضية بأنّ
__________________
(١) ساقطة في نهاية العقول.
(٢) أضفناها طبقا للمعنى.
(٣) ق : «أو» ، وهو خطأ.
(٤) راجع ص ١٠١.