واجبة غير محتاجة ، فإنّ المشي (١) وإن كان ممكنا للإنسان لكن ثبوت المشي (٢) في زمان المشي (٣) واجب له ، فإذا صار الممكن بشرط أخذ وجوده يصير واجبا فالواجد (٤) الوجود المجرّد عن كلّ ما عداه كان أولى بالوجوب فكان ذلك الوجوب هو تمام ذلك الوجود المجرّد ، وقد كنّا تعقّلنا أنّه كيف يمكن أن يكون الوجوب تمام الذات الواجبة. وإذا عقل ذلك في الجملة بطل قولهم : الوجوب وصف إضافي.
ولقائل أن يقول : ماهية الوجوب إن كانت إضافية فحيث وجدت كانت مجرّد إضافة. اللهمّ إلّا إذا قيل : بأنّ الوجوب على الأشياء الواجبة باشتراك الاسم وهو يهدم أصل هذه الطريقة. وإذا لم تكن إضافية ، فهو باطل ؛ لأنّا إذا قلنا : الشيء يجب اتصافه بكذا فمفهوم الوجوب هنا إضافة لا تعقل إلّا (٥) عند تعقل المضافين ، وإذا كان الوجوب هنا إضافة وجب أن يكون في جميع المواضع كذلك.
قوله : «لم لا يجوز أن يكون وجوب كلّ شيء مخالفا لوجوب الآخر؟». (٦)
قلنا : دليل أنّ الوجود مقول بالسوية (٧) يدل على الوجوب كذلك.
ولأنّ المرجع في الاختلاف والتماثل إلى العقل ، وكما يشهد بتساوي السوادين أو البياضين كذا يشهد في الوجودين بالتساوي في هذا القدر ، ولو كان اختلاف لكان في غيره. (٨)
__________________
(١) و (٢) و (٣) في النسخ : «الشيء» أصلحناها طبقا للمعنى.
(٤) ق : «للواجد».
(٥) «إلّا» ساقطة في ق ، وهو خطأ.
(٦) راجع ص ١٠٣.
(٧) وأنّه ليس باشتراك الاسم.
(٨) أي في غير مفهوم الوجود.