فالمخبر به لا محالة مغاير في المفهوم للمخبر عنه ، فإذا قلنا : السواد ماهية وجب أن يكون كونه ماهية مغايرا لكونه سوادا ، وكيف لا وكونه ماهية مشترك بينه وبين غيره ، وكونه سوادا ليس كذلك؟ بل كونه ماهية إمّا اعتبار سلبي أو ذهني غير منته إلى صفة خارجية ، والوجود لا يمكن أن يكون كذلك ، فظهر الفرق.
قوله : (١) «ما الذي يريدون بوجود الجوهر ، نفس كونه جوهرا أو أمرا زائدا على كونه جوهرا؟».
فانّه يمكننا أن نعتقد أنّ الله تعالى خلق موجودا هو جوهر ، ثمّ يمكننا أن نعتقد أنّ ذلك الموجود الذي كنّا نعتقد فيه أنّه كان جوهرا ما كان كذلك بل كان عرضا ، ومن دفع إمكان ذلك فهو مكابر ، ومعلوم بالضرورة أنّ الوجود الذي لا يتعيّن (٢) اعتقاد تحقّقه بخلاف اعتقاد كونه جوهرا أو عرضا لا بدّ وأن يكون مشتركا بين الجوهر والعرض ، فحينئذ يعلم بالضرورة أنّ الوجود مشترك.
وما ذكرتموه من : «أنّ ذلك بناء على كون الوجود زائدا» ، فليس بل يلزم منه كون الوجود زائدا ؛ لأنّ الأمر الذي ذكرنا معلوم بالضرورة قبل العلم بكونه زائدا أم لا.
قوله على الثاني : «سلب كلّ حقيقة يقابله ثبوته الخاص ، وليس بين ذلك السلب وذلك الإيجاب واسطة ، وإن ادعيتم ثبوتا عاما يقابل سلبا عاما ، فهو النزاع». (٣)
قلنا : إذا قلنا السواد إمّا أن يكون موجودا أو لا ، لا نعني به أنّ (٤) السواد إمّا
__________________
(١) راجع ص ١٠٨.
(٢) كذا ، وفي نهاية العقول : «لا يتغير».
(٣) راجع ص ١٠٨.
(٤) ق : «أمّا» ، وهو خطأ.