الوجه الرابع (١)
لو كان الجسم قديما فقدمه لا يجوز أن يكون عدميا ، وإلّا لكان الحدوث الذي يناقضه ثبوتيا ، فإن كان الحدوث حادثا تسلسل. ومحال أن يكون قديما ، لاستحالة أن يكون الوصف المحتاج ثبوته إلى ثبوت الحادث قديما. ويستحيل أن يكون ثبوتيا ، لاستحالة أن يكون عين الجسم ، وإلّا لكان العلم بهما واحدا فيكون العلم بقدمه ضروريا ، كما أنّ العلم بكونه جسما ضروري. ولا زائدا عليه ، لاستحالة أن يكون قديما ، وإلّا تسلسل ، ولا حادثا ، لاستحالة كون قدم القديم وصفا ثبوتيا حادثا ، لأنّه غير معقول.
فإن قيل : الكلام عليه من وجهين :
الوجه الأوّل : ما يتعلّق بالنظم ، فنقول : إنّه غير (٢) منتج لوجوه :
الأوّل : الملازمة التي ادعيتموها ليست ثبوتية.
أمّا أوّلا : فلأنّها إن كانت ملازمة للمتلازمين كانت ملازمتهما زائدة وتسلسل. (٣) وإن لم تكن ملازمة لهما لم تتحقق الملازمة أصلا ؛ لأنّ نفس الملازمة إذا
__________________
(١) راجع المطالب العالية ٤ : ٣٢٠ (الحجّة العاشرة) ؛ شرح المقاصد ٣ : ١٢٠. وهو المسلك الثالث في نهاية العقول.
(٢) «غير» ساقطة في ق ، وهو من إقحام الناسخ.
(٣) والعبارة في نهاية العقول : «فلانّها إن كانت ثبوتية لكانت إمّا أن يكون ملازمة للأمرين اللّذين وصفتموهما بهذه الملازمة أو لا يكون ، فإن كان الأوّل كان كونها ملازمة لذينك الأمرين زائدا على ذاتها فتسلسل».