وجوده وبعض صفاته فقد عرفنا حقيقته المخصوصة ، بل تلك الحقيقة عندنا مجهولة.
ولقائل أن يقول : لمّا علمنا كونه قديما مع جهل حقيقته لزم التغاير ويتوجه الإشكال.
والباقي إذا كان محدثا فانّا لا نعرف مقدار مدّة بقائه إلّا إذا عرف حدوثه في الزمان الذي حدث إمّا مقدّرا أو محقّقا ، ولمّا أمكن العلم بوجوده مع الجهل بذلك الزمان الذي حدث فيه لا جرم كانت مدّة بقائه مجهولة ، بخلاف القديم فانّ وجوده غير مختصّ بزمان دون زمان حتى يكون الجهل بشيء من الأزمنة قادحا في الجهل بالقدم ، فافترقا.
الوجه الخامس (١)
كلّ جسم متناه على ما تقدّم (٢) وكلّ متناه محدث ، لأنّه يجوز عقلا كونه أزيد وأنقص فاختصاصه بذلك القدر دون الزائد والناقص يحتاج إلى مرجّح مختار (٣) وإلّا فقد ترجّح الممكن لا لمرجح ، وفعل المختار محدث.
__________________
(١) راجع الرازي ، المسائل الخمسون في أصول الدين : ٢١ (الدليل الثالث) ؛ المطالب العالية ٤ : ٣١٤ (الحجّة الخامسة).
(٢) في المجلد الأوّل ، ص ٣٥٦ (البحث التاسع : في تناهي الأبعاد).
(٣) ويمتنع أن يكون المرجح موجبا ، لأنّ نسبة الموجب إلى جميع المقادير على السوية ، فلم يكن كونه موجبا لمقدار معين أولى من كونه موجبا لغير ذلك المقدار. راجع المصدر نفسه.