هذه الحركة ، أو لأنّ تشبه كلّ فلك بالجوهر المفارق الذي هو معشوقه لا تحصل إلّا بهذه الحركة.
وأمّا الرابع : فلأنّ مادة كلّ فلك غير قابلة لما هو أزيد من المقدار الحاصل لفلكها أو أنقص ، ولمّا كان الزائد والناقص محالين لا جرم استمر ذلك الامتناع ، وأمّا حدوث العالم قبل أن حدث فلو كان ممتنعا استمر ذلك الامتناع ولما حدث أصلا ، فلمّا حدث علمنا أنّه ممكن في كلّ وقت.
وأمّا الخامس : فاختصاص الكواكب والتداوير والأوجات والحضيضات بمواضع معينة من الفلك ، فلأنّا لا نقول : حصل الفلك أوّلا ثمّ حصل الكواكب (١) وأحدث فيه نقرة حتى يرد السؤال بأنّه لم أحدث النقرة من ذلك الجانب دون سائر الجوانب؟ بل نقول : حدث الفلك والكوكب معا ، ويلزم من حدوث الكوكب حصول تلك النقرة ، ثمّ استحال بعد ذلك انتقال الكوكب منه لاستحالة الخرق على الفلك.
فالحاصل : أنّ موضع الكوكب لو تعين قبل حصول الكوكب فيه كان هذا السؤال لازما. فأمّا إذا كان تعيّن تلك الأحياز والمواضع بسبب (٢) اختصاصها بها فلا ، فإنّ ذلك الحيز إنّما صار ذلك الحيز بحصول ذلك الكوكب فيه وإلّا كان مصمتا من (٣) غير تلك الحفرة والنقرة.
ثمّ إنّ الكواكب بعد اختصاصه بذلك الموضع امتنع عليه التبدل لامتناع الخرق على الفلك ، وهو جواب السادس والسابع.
وأمّا الثامن : فلأنّ حدوث الحوادث في عالمنا هذا إنّما يكون لأنّ المواد
__________________
(١) ج : «الكواكب».
(٢) ج : «لسبب».
(٣) ق : «عن».