بها عليها؟
قوله : «هب أنّ الجواهر حال بقائها محتاجة إلى الفاعل ، فلم قلتم : إنّه يجوز انقطاع المؤثر عنها؟».
قلنا : لأجل أنّ المختار لا بدّ وأن يكون متمكنا من الفعل والترك.
وفيه نظر ، لأنّ تعلّق النفي بالفاعل إذا كان في أن يستمر ذلك النفي نفيا لا نسلم أنّه يكون مانعا من دخوله (١) في الوجود ، لأنّ ذلك إنمّا يلزم لو كان ذلك التعلّق بذات الفاعل الموجب ، أمّا إذا كان متعلقا بذات الفاعل المختار فلا ، فإنّ عدمه مستند إلى اختيار العدم كما استند وجوده إلى اختيار الإيجاد.
سلّمنا ، لكن نمنع الحصر لجواز تعلّقه بالفاعل بأن يزيل ذلك النفي لا بأن يقلبه ثبوتا ، بل بأن يقلب المنفي ثابتا بأن يزيل عنه النفي بأن يوجد المنفي.
سلّمنا ، لكن نمنع استغناء المسبوقية فانّ مسبوقية الوجود بالعدم وصف لاحق بالوجود المحتاج إلى الفاعل والمحتاج محتاج. وبالجملة فاعل السبب فاعل المسبب والواجب لذاته مستغن عن الفاعل لا مطلق الواجب ، فانّ الواجب بالغير إنّما يجب بذلك الغير فهو محتاج إلى ذلك الغير ، وكما أنّ الحدوث كيفية للوجود كذا حاجة الوجود كيفية له ولا بعد في احتياج إحدى الكيفيتين إلى الأخرى.
سلّمنا ، لكن حاجة الوجود معلوم انّها غير مستندة إلى مطلق الوجود المشترك بين الواجب والممكن فجاز أن يستند إلى الوجود الذي ليس بأزلي ، وهذا وصف سلبي لا يتوقف على وجود الشيء في الخارج بل يكفي وجوده ذهنا. والخروج ليس هو الإيجاد ولا الوجود ولا العدم ولا المسبوقية. وكون الأولوية موجبة
__________________
(١) ق : «وصوله».