يمنعه من الدخول في الوجود. و (١) لأنّ الباقي أيضا لو عدم حال بقائه لصار عدمه مقارنا لوجوده ، وكما أنّه يصحّ أن ينعدم في الزمان الثاني من وجوده كذلك الحادث يصحّ أن ينعدم في الزمان الثاني من وجوده.
قوله : «الحادث متعلّق السبب فيكون أقوى».
قلنا : ألستم قد برهنتم على أنّ الباقي أيضا متعلّق السبب ، فزال الترجيح.
قوله : «الله تعالى يخلق اعدادا من ذلك الضد».
قلنا : هذا غير مستقيم.
أمّا أوّلا : فلأنّ الذي استقر عليه رأي المعتزلة أنّ الله تعالى يعدم الجواهر كلّها بجزء واحد من الفناء.
وأمّا ثانيا : فلأنّ الجواهر متماثلة فليس بأن يوجب فناء عدم واحد منها أولى من الفناء الآخر بأن يوجب عدمه. اللهمّ إلّا أن يقال : إنّه يقوم الفناء بالجوهر أو يختص بالحيز الذي يجاوره ، لكن الأوّل باطل لاشتماله على اجتماع الضدين. والثاني يكون قولا بحصول العرض في الحيز على سبيل الاستقلال من غير محل وهو محال ، إذ لا معنى للجوهر إلّا ما يكون حاصلا في الحيز.
الثاني : (٢) أنّ حدوث الضد يتوقف على انتفاء الضدّ الأوّل فلو كان انتفاء الضد الأوّل معللا بحدوث هذا الضدّ لزم الدور المحال.
وأمّا إن فنيت الأجسام باعدام الفاعل المختار فهو محال ، لأنّ الفاعل لا بدّ له من فعل ، فالاعدام إمّا أن يكون شيئا متميزا عن غيره وإمّا أن لا يكون ، فإن كان الأوّل كان الاعدام عبارة عن حدوث شيء ، وذلك الشيء إن اقتضى عدم الجوهر
__________________
(١) «و» ساقطة في ق.
(٢) أي الوجه الثاني لامتناع اعدام الجواهر بحدوث الضد.