الأوّل : لو أفناه لما صحّ فيه الجمع إلّا على تقدير أن يخلق أجزاءهم متفرقة ثمّ يجمعها وذلك باطل. ولمّا ثبت الجمع في كيفية الاحياء ثبت أنّه لا تفنى على معنى الاعدام.
الثاني : أنّه عليهالسلام سأله عن جميع مقدمات الاحياء فلو كان الله تعالى يعدمها ثمّ يخلقها احياء لأراه ذلك. وأيضا أنّه تعالى بعد أن بيّن أنّ مبدأ الخلق جمع بعد تفريق لقوله تعالى : (خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) (١) ، وقوله تعالى : (وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ) (٢) ، وقوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) (٣) ، وقوله تعالى : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ) (٤) ، وبدء الخلق الذي يمكننا أن نراه أو ننظر إليه هو الجمع دون الإيجاد عن عدم كما يشاهد ذلك في فصل الربيع من نشوء الاغصان. ثمّ لمّا قرر أنّ البدء [هو] الجمع قال : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) ، فنصّ تعالى على أنّ البدء كما كان جمعا للتفريق كذا عودكم يكون بالجمع بعد التفريق. وقد قرر الله تعالى ذلك في آيات كثيرة بعبارات مختلفة فشرح تعالى كيفية جمعه فيما يخرج من النبات والزروع والأشجار ، ثمّ شبه يوم البعث به في قوله تعالى : (كَذلِكَ النُّشُورُ) (٥) و (كَذلِكَ تُخْرَجُونَ). (٦)
__________________
(١) الروم / ٢٠ وفاطر / ١١ وغافر / ٦٧.
(٢) السجدة / ٧.
(٣) العنكبوت / ١٩.
(٤) العنكبوت / ٢٠. وفي المخطوطة : «أو لم يسيروا في الأرض فينظروا ...» ، والموجود في القرآن ليس بهذه الصورة.
(٥) والآية هكذا : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ) فاطر / ٩. راجع أيضا الأعراف / ٥٧.
(٦) والآية هكذا : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ) الروم / ١٩.