تتفرق أجزاؤه لا أنّه يعدم بالكلية ، وكذا النشور والاخراج. وبالجملة ليس البحث هنا في فناء الآدمي خاصة حتى يحمل على الاعدام بالكلية أو التفريق ، بل جميع الأجسام. (١)
المسألة الثالثة : في إبطال كلام المشايخ
قد عرفت كلام المشايخ وأنّهم أثبتوا الفناء معنى يضاد الجواهر لا في محل (٢) ، وهو باطل من وجوه :
الوجه الأوّل : التضادّ حاصل من الطرفين لأنّه نسبة وإضافة لا تعقل إلّا بين اثنين فكما ضاد الفناء الجواهر كذا الجواهر تضاد الفناء ، وكلّ واحد من هذين الضدين ممكن وقابل للعدم ويعدم اتّفاقا وليس انتفاء أحدهما بالآخر أولى من العكس ، فليس انتفاء الجوهر بذلك الضد أولى من انتفاء ذلك الضدّ بوجود الجوهر فاستحال أن يفنى به.
وفيه نظر ، لأنّا لا نسلّم انتفاء الأولوية فانّ الضدّ الطارئ يعدم الباقي لأنّ الله تعالى أراد اعدام الجوهر وإيجاد ضدّه فأوجد الضدّ فأعدم الجوهر.
قيل : والحس شاهد بذلك فانّ بعض الأعراض تعدم بطرو البعض الآخر. ولأنّ الاعتمادات التي توجب ضدّ ما يوجبه الآخر فانّ بعضها ينفي حكم الآخر ، فبالطريق الذي جوزتموه ثمّ جوزوه هنا. ولأنّه الحادث أقوى لأنّه متعلّق السبب.
__________________
(١) ذهب الطوسي إلى الفرق بين معنى الفناء في المكلفين كالإنسان وبين غيرهم ، فجاز الاعدام بالكلية في غير المكلّفين إذ لا يجب إعادتهم ، بخلاف الإنسان الذي يجب إعادته ، فقد تأول معنى فنائه وإعدامه بتفريق أجزائه ، فإذا أراد الله تعالى إعادته جمع تلك الأجزاء وألفها كما كانت. وقال : «ويتأول في المكلف بالتفريق كما في قصة إبراهيم عليهالسلام». كشف المراد : ٤٠٢.
(٢) راجع المجموع في المحيط بالتكليف ٢ : ٢٩٨.