فللحوادث بداية ونهاية ، وهو المطلوب (١).
الثالث : مجموع الحوادث ممكن بالضرورة فله مؤثر ، وذلك المؤثر يستحيل أن يكون موجبا لما تقدم في بيان أنّ المؤثر في الأكوان ليس موجبا ، بل المؤثر فيه مختار ، وكلّ ما كان فعلا لفاعل مختار فانّه يجب أن يكون مسبوقا بالعدم ، فجملة الحوادث مسبوقة بالعدم (٢).
الرابع (٣) : لو كانت الحوادث غير متناهية لأمكننا أن نأخذ الحوادث الماضية من زمان الطوفان إلى الأزل جملة ومن زماننا هذا إلى الأزل جملة أخرى ، ثمّ نطبق إحدى الجملتين بالأخرى بأن نجعل المبدأ من إحداهما ـ وهو زمان الطوفان ـ مقابلا للمبدإ من الأخرى ـ وهو زماننا ـ فإن استمر الاندفاع هكذا على التساوق بحيث يكون كلّ واحد من إحدى الجملتين مقابلا لآخر من الجملة الأخرى ، ولم يظهر التفاوت من الجانب الآخر بين الجملتين ، كان الشيء مع غيره كهو لا مع غيره ، وهو باطل بالضرورة.
وإن ظهر التفاوت من الجانب الآخر كانت الجملة الناقصة منقطعة فتكون متناهية من الطرفين والزائدة إنّما زادت عليها بقدر متناه ـ لأنّها إنّما زادت بمقدار ما بين زمان الطوفان إلى زماننا ـ والزائد على المتناهي بمقدار متناه يكون بالضرورة متناهيا ؛ لأنّ المتناهي إذا انضم إلى المتناهي كان المجموع متناهيا. فثبت أنّ الجسم لا يخلو عن الحوادث. وثبت أنّ الحوادث لها بداية ، فيلزم بالضرورة أن يكون للجسم أوّل ، وهو المطلوب (٤).
__________________
(١) المصدر نفسه.
(٢) المصدر نفسه : ٢٧٠.
(٣) راجع المطالب العالية ٤ : ٢٥٧ ؛ شرح المقاصد : ١١٤.
(٤) وهي الدعوى الرابعة. راجع شرح الأصول الخمسة : ١١٣ (الكلام في الدعوى الرابعة ... في أنّ الجسم إذا لم ينفك عن هذه الحوادث ... وجب أن يكون محدثا مثلها) ؛ النيسابوري ، التوحيد : ٢٣١.