قلنا : يتلازمان كالعاديّات ، أو إن كان تلازمهما حقيقيا ، لكنّه يقتصر على محل الأصل دون سائر المحالّ بأن يكون ذلك المقارن الذي هو العلّة هو ما به امتاز الأصل عن الفرع ، أو يكون جزءا منها فلا يتعدى الحكم محل الأصل ، أو يكون ذلك المقارن مع ذلك الشيء معلولي علّة واحدة ، فانّهما يتلازمان إذا صدرا عن تلك العلّة ، فإذا كان علّة أخرى جاز أن يصدر عنها أحدهما دون الآخر فيوجد ذلك الوصف الذي هو العلة بدون ذلك الشيء فيثبت ذلك الحكم ويوجد هذا الشيء بدون ذلك الوصف ، فلا يميز ذلك الحكم.
سلّمنا دلالة الدوران على العلية ، لكن ثبوته ممنوع.
قوله : «إذا لم يقدر على جعل كلام غيره خبرا لم يقدر على إيجاده».
قلنا : لم قلتم : إنّه لا يحدث شيء آخر بحال الحكم عليه؟
بيانه : أنّ كلام غيرنا مقدور غيرنا فلا يكون مقدورا لنا ، لاستحالة تعلق القادرين بمقدور واحد عندكم. وأيضا لا يقدر على الكلام ابتداء ، بل بواسطة الآلات كاللسان واللهوات ، وإنّما يقدر على أن يفعل الكلام بهذه الآلات إذا كانت متصلة بنا. أمّا لو قلنا : نفعل الكلام في غيرنا كان ذلك اختراعا للفعل وهو غير مقدور للبشر.
سلّمنا أنّه لا معنى سوى ما ذكرتم ، وأنّ العلّة في وجوب اقتداره على ذات الكلام اقتداره على جعله على صفة الخبر ، لكن لم قلتم : بأنّه يلزم فعله في الجسم إذا قدر على كونه كائنا؟
قوله : «لأنّ العلّة تجمعهما».
قلنا : لا نسلّم.
بيانه : أنّ ذات الكلام وصفات الكلام غير ذات الجسم وغير صفاته التي هي كونه حيا قادرا أسود أبيض ، ومن الجائز أن تكون بعض الصفات مقدورة