سلّمنا أنّه لا بدّ من توسط المعنى ، فلم لا يجوز أن يكون هو الاعتماد؟ فانّه معنى أثبتموه.
الوجه الثاني : (١) الثقيل والخفيف سواء في صحّة تحريكهما ؛ لأنّ المصحح لذلك غيرهما وقد اشتركا فيه وحال القادر معهما على السواء ، فلو كان مقدوره هو التحريك فقط لما يقدر عليه تحريك الثقيل دون الخفيف ولما شقّ عليه أحدهما دون الآخر ، فوجب أن يكون قادرا على معان تكثر وتقل ، والثقيل يحتاج في تحريكه إلى معان كثيرة لا تفي قدرة الضعيف بها والخفيف لا يحتاج.
والاعتراض : سلّمنا استواء الثقيل والخفيف في صحّة تحريكهما والقادر معهما على السواء ، فلا بدّ في ثقل الثقيل من زائد في إيجاد القادر ، فلم قلتم : إنّه المعنى الذي أثبتموه؟
لا يقال : ذلك الزائد إمّا ذات وهو قولنا ، أو صفة فلا يصحّ فيه التزايد إلّا بواسطة المعاني ، كالأسود إذا زاد سواده ، فلا بدّ من كثرة السواد.
لأنّا نقول : يكون الزائد واقعا في الصفات.
قوله : «لا يعقل إلّا بتزايد المعاني».
قلنا : الزائد في الصفات إن كان مستحيلا في ذاته استحال أن يثبت بسبب من الأسباب وإن لم يكن مستحيلا وقع الشكّ في أنّ الزائد في الصفات والمعاني ، فلا بدّ عند ذلك من دليل زائد على أنّ ذلك معنى.
سلّمنا أنّه لا بدّ من معنى ، فلم لا يكون الاعتماد لا الكون؟ فانّ رفع الثقيل يحتاج إلى مدافعات أكثر ممّا يحتاج إليه الخفيف حتى تزيد على مدافعات الثقيل إلى أسفل. وبالاتّفاق الثقيل ليس ينتفل إلى العلو بالأكوان ، بل بالمحادثات.
__________________
(١) من الوجوه التي استدل بها أبو هاشم لإثبات المعنى. راجع المحيط بالتكليف : ٤٨ ؛ التوحيد : ٤٧.