ثمّ نقول : قولكم بالأكوان الكثيرة محال ؛ لأنها توجب كائنات كثيرة فيزداد كون الجسم كائنا في الجهة ، وأنّه محال ؛ لأنّ معنى كونه كائنا في الجهة هو كونه شاغلا لها والشغل لا يعقل فيه التزايد.
الوجه الثالث (١) : صفة الكائنية يصحّ فيها التزايد وما يصحّ فيه التزايد لا يكون بالفاعل. (٢) أمّا الصغرى فلوجهين :
الأوّل : القوي إذا وضع يده على جسم واستفرغ جهده في تسكينه لم يقدر الضعيف على تحريكه ، ومتى لم يستفرغ جهده في تسكينه أمكنه تحريكه ، فعلمنا أنّه رام في الأوّل أزيد ممّا رامه في الثاني.
الثاني : الجزء الواحد إذا التصق بكفي قادرين فدفعه أحدهما حال جذب الآخر فانّه يتحرك بهما ، وليس فعلهما واحدا لاستحالة مقدور بين قادرين.
وأمّا الكبرى فلوجهين :
الأوّل : الفاعل كالعلّة (٣) وكما لا تؤثر العلّة في أزيد من صفة واحدة ، كذا الفاعل.
الثاني : الوجود لمّا كان بالفاعل امتنع فيه التزايد ، فكذا هنا.
والاعتراض : قوله : «صفة الكائنية يصحّ فيها التزايد».
قلنا : الضرورة تبطل ذلك ، فانّ الكائنية هي الحصول في الحيز وقد يعبر عنه بكونه محاذيا لجسم الآخر ومن المعلوم بالضرورة أنّ كون الجسم محاذيا لآخر أو في الجهة ممّا لا يصحّ فيه التزايد.
__________________
(١) من الوجوه التي استدل بها أبو هاشم لإثبات المعنى.
(٢) قال النيسابوري : «والصفات المتزايدة لا بدّ من أن تكون مستندة إلى علل متزايدة ولا يجوز أن تستند إلى فاعل». التوحيد : ٧٧.
(٣) في كونه مؤثرا.