البحث الخامس
في بقاء الأكوان (١)
اختلف الشيخان هنا ، فقال أبو هاشم : إنّه يصحّ البقاء عليها أيّ شيء منها كان. وقال أبو علي : لا يجوز بقاء الحركة (٢) ، وهو مذهب الكعبي. وأمّا السكون فجوز أبو علي بقاءه إذا كان من فعل القادر منّا ثمّ صادف منعا أو عجزا ، ومنع جماعة من القائلين ببقاء الأعراض من بقائها. وأمّا الأشاعرة فمذهبهم في ذلك ظاهر فانّهم منعوا من بقاء كلّ الأعراض.
والدليل على البقاء أنّ الكائن في جهة لا يخرج عن كونه كائنا فيها إلّا عند طرو ضدّ على طريقة واحدة.
وأيضا إذا تشبّث أحدنا بجسم فمن دونه في القوة لا يتمكن من دفعه فإذا زال يده عنها أمكنه ذلك ، فكانت العلّة أنّه في الابتداء كان يجذب السكون حالا
__________________
(١) قال المصنف : «ذهب البصريّون إلى صحّة البقاء على الكون ، وكان المرتضى رحمهالله يشكّ في بقائه وبقاء كلّ ما يدعون بقاءه من الأعراض. وأبو الهذيل وأبو علي قالا : إنّ الحركة لا تجوز عليها البقاء». مناهج اليقين : ٦٢. راجع أيضا شرح المواقف ٦ : ١٨٣ (المقصد السابع : في اختلافات للمعتزلة).
(٢) راجع التوحيد : ١٣٢. وكان محمد بن شبيب يزعم انّ الحركات لا تبقى وكذلك السكون لا يبقى. وكان محمد بن عبد الوهاب الجبائي يقول : الحركات كلّها لا تبقى والسكون على ضربين ... وقال بشر بن المعتمر : السكون يبقى. مقالات الإسلاميين : ٣٥٩ و ٣٦٠.