البحث العاشر
في القدرة على التحريك والتسكين
لا خلاف بين الشيخين في أنّ الله تعالى يصحّ أن يسكن الساكن ، وأنّ ذلك السكون الذي كان فيه يبقى ، ثمّ يحدث مثله من جهته حالا فحالا على ما يقال في سكون الأرض. (١) وكذا لا خلاف في صحّة تحريك أحدنا أبعاضه وتسكينها أبدا.
واختلفا في أنّ أحدنا هل يصحّ منه تسكين الساكن أم لا؟ فمنع أبو علي منه وقال : ما نفعله في الأوّل يبطل فلا يمكن أن نسكن الجسم سكونا متواليا. وبناء ذلك على قوله أنّ المولّد هو الحركة فلا بدّ من أن تتخلل سكونين حركة. وجوزه أبو هاشم ، لأنّ الشيء لا يمنع عن مثله فصحّ اجتماعهما. وأيضا إذا تشبث أحدنا بجسم فلو لم يسكنه حالا بعد حال لكان من دونه في القوة لا يتعذر عليه تحريكه.
واختلف قول أبي هاشم في الجسم الذي لا يقدر أحدنا على تحريكه هل يقدر على تسكينه؟ قال في الجامع : لا يصحّ ، وهو ظاهر قول أبي القاسم الكعبي ، وحكي عنه أنّه رجع عمّا قاله في الجامع فجوزه. وأمّا أبو علي فالذي ذهب إليه هو المنع من تسكين ما لا نقدر على تحريكه ، حتى قال : لا يصحّ أن نفعل فيه الاعتماد ،
__________________
(١) سيأتي هذا القول في التذنيب الثامن ، ص ٣١٦.