فلا بدّ من الحركة ، لأنّ المماسة شرط وهي تبطل في الثاني إذا تحرك عنه فلا بدّ من أن يتحرك إليه ليثبت شرطه ، وبناه على أنّ الذي يولد في الغير هو الاعتماد. ومنع أبو علي أن يتحرك حركة واحدة إلّا بعد حركة محلّ الاعتماد بناء منه على أنّ المولد في الغير هو الحركة أو أنّها شرط في توليد الاعتماد.
احتجّ أبو هاشم بوجهين :
الوجه الأوّل : لو جعل تحرك محلّ الاعتماد شرطا في توليده للحركة لوجب في حال حصول الاعتماد ثبوت الحركة ، فإنّ هذا واجب فيما هو شرط في التوليد ، ومعلوم أنّ محلّ الاعتماد لا يتحرك إلّا بعد تحرك ما ماسه فينتقل إلى مكانه ، وحركة ما ماسه إنّما تحصل عن الاعتماد في الثاني وحال حصولها يجوز أن يقدم الاعتماد بأن يكون مجتلبا ، فكيف يحتاج إليها؟
الوجه الثاني : لو خلق الله تعالى صفحة من أجزاء لا تتجزأ في الجو ولا ثقل فيها وخلق جبلا فوقها لكان يهوى الجبل لا محالة ، ولو كان الأمر بخلاف ما قلناه ، لكان الجبل لا يتحرك إلّا بتحرك هذه الصفحة حتى يحصل في مكانها وهي لا تتحرك إلّا بعد حركة الجبل ، لأنّ حركته شرط في توليد اعتماده التحريك في غيره فيقتضي أن لا يتحرك واحد منهما وأن يقفا ، وهو باطل.
الخامس : اختلف الشيوخ ، فقال أبو إسحاق وقاضي القضاة : يحتاج الواحد منّا في حمل الثقيل وتحريكه إلى أن يفعل في كلّ جزء منه بقدر ما فيه وفي جميع الأجزاء من الثقل وجزاء آخر زائدا ، فإذا كان المحمول عشرة أجزاء من الثقل يحتاج أن يفعل في كلّ جزء إحدى عشرة حركة ، وكذا في تسكين الثقيل المنحدر. ومنع أبو هاشم هذه الزيادة وقال : يكفي أن يفعل في كلّ جزء بعدد ما في جميعه.
وأمّا أبو علي فانّه لما لم يجعل الثقل معنى ورجع به إلى ذات الجوهر أوجب