وما فعلاه حركة واحدة. (١) فأداه هذا إلى امتناع اجتماع الميلين بأن منع من إيجاب فعل كلّ واحد من القادرين كون الجوهر كائنا ، وعلّق ذلك باجتماع فعلهما. فهو مخالف للمشايخ في المعنى حيث قالوا بفساده.
واعلم أنّ من جوز اجتماع الميلين قال : كلّ واحد من القادرين فعل حركة مساوية لحركة صاحبه. وأمّا القدماء فانّهم جعلوا السرعة كيفية قائمة بالحركة ، فكانت الصادرين (٢) أسرع من غيرها. (٣)
الثامن : قالت الثنوية : إنّ الأرض ليست ساكنة بل هي هابطة دائما. (٤) وهو باطل ، وإلّا لما وصل الخفيف إليها فكنا إذا رمينا سهما أو حجرا خفيفا لا يصل إلى الأرض ، لأنّها أثقل فحركتها تكون أسرع. (٥)
__________________
(١) واتّفق الشيخ لمفيد مع الكعبي وخالف البصريّين في هذه المسألة ، وقال : «هذا مذهب أبي القاسم وجماعة كثيرة من أهل النظر. وقد خالف فيه فريق من المعتزلة وجماعة من أصحاب الجهالات». أوائل المقالات : ١٢٩ (القول في الجزء الواحد هل يصحّ أن توجد فيه حركتان في وقت واحد؟).
ونقل أبو رشيد اختلاف البلخي مع أبي هاشم في هذا المجال ، وينقل كلامهما ، ثمّ يقول : «وهذا الكلام نزاع لفظي فقط. كلّ محرّك إذا كان وحده فلا يحرّك الشيء ، لذلك فانّ الحركة المولّدة واحدة». نقلا عن مارتن مكدر موت.
(٢) كذا وفي هامش ج : «الصادر عن».
(٣) وأبطله المفيد بقوله : «إنّ السرعة إنّما تكون في توالي قطع الأماكن دون القطع الواحد للمكان الواحد».
(٤) هذا مذهب بعض السمنية أيضا كما في أصول الدين للبغدادي : ٦٠ (المسألة الثانية عشرة من الأصل الثاني).
(٥) استدل البغدادي بهذا الوجه وبوجهين آخرين هما : ١. «ولو كانت للأرض حركة دورية لا حسسنا بذلك كما نحسّ بحركتها عند الزلزلة. ٢. أنّا لو جعلنا قطعة من الأرض على طبق لم تدر عليه ولو رمينا بها في الهواء لنزلت على الاستواء ولم تدر على نفسها ، فإذا كانت كلّ قطعة منها لا تدور فكيف دارت جملتها؟» المصدر نفسه : ٦٢.