البحث الثالث
في ما يتعلّق بألفاظ مستعملة هنا
اختار أبو هاشم لفظة الكون ، لأنّها أعمّ حالات الجسم وهو يجري عليه في العدم والوجود ، ويجري مجرى الكون وغيره في أنّه لا يقتضي إلّا إبانة نوع من نوع دون أن يفيد وجودا على وجه. وما عدا ذلك لا يقال إلّا عند الوجود ، كقولنا حركة وسكون واجتماع وافتراق ، لأنّه يقتضي أنّه كون واقع على وجه. وقد ذكر أبو علي هذه اللفظة أيضا وواصل بن عطاء وأحد الجعفريين.
وقال أبو علي : إنّه يوصف بأنّه حركة وهو معدوم ، وكذا ما يفيد فائدة الحركة ، كالنقلة والزوال. وقال : لا يوصف بأنّه سكون ، لأنّ عنده يقتضي بقاءه فكيف يجري عليه حالة عدمه؟ وقال : الحركة لا تكون إلّا كذلك فصار كقولنا كون. وجعل المشي والعدو كالسكون في أنّه لا يجري عليه حال العدم ، لأنّه يقتضي انضمام حركات.
وأبو هاشم منع ذلك ، لأنّ الحركة كون واقع على وجه ، وليست كما قال أبو علي : إنّها لا توجد إلّا حركة ، بل يصحّ وجودها ولا تسمى حركة ، وإنّما تسمى بذلك إذا وجدت عقيب ضدّها ، أو يحصل بها الجوهر في مكان بعد أن كان في غيره بلا فصل.
وأمّا السكون فقيل : يكون كونا باقيا ، وقد يكون حادثا عقيب مثله عند أبي هاشم. وقال أبو علي : السكون لا يسمّى به إلّا الباقي.