فله خاصيّتان :
أ. أنّه لا بدّ هناك من مطلوب ممكن الحصول ، ليكون التوجه توجها إليه.
ب. أنّ ذلك التوجه ما دام كذلك فإنّه بقى منه شيء بالقوة ، فانّ المتحرك إنّما يكون متحركا بالفعل إذا لم يصل إلى المقصود ، فانّه إذا وصل إلى المقصود وقف ، وما دام هو متحرك فقد بقى منه شيء بالقوّة. فإذن هوية الحركة متعلّقة بأن يبقى منها شيء بالقوّة ، وبأن لا يكون المقصود من الحركة حاصلا بالفعل.
وسائر الكمالات لا يوجد فيها شيء من هاتين الخاصيتين ، فانّ الشيء إذا لم يكن مربعا فحصل أن صار مربعا فحصول المربعية من حيث هي هي لا يوجب أن ينقضي ويستعقب شيئا غيره. وأيضا إذا حصل لا يبقى منه شيء بالقوّة.
إذا ثبت هذا ، فالجسم إذا كان في مكان وهو ممكن الحصول في آخر ففيه إمكانان : إمكان الحصول في ذلك المكان ، وإمكان التوجه إليه. وقد عرفت أنّ كلّ ما يكون ممكن الحصول فانّ حصوله يكون كمالا له ، فالتوجه إلى ذلك المطلوب كمال ، وحصوله في المكان الثاني كمال أيضا ، لكن التوجه إلى المكان الثاني أسبق الكمالين ، وإلّا لم يكن الوصول إليه على التدريج.
فإذن التوجه كمال أوّل للشيء الذي بالقوة ، لكن لا من كلّ وجه ، فليست (١) الحركة كمالا للجسم في جسميته ، وإنّما هي كمال له من الجهة التي هو باعتبارها كان بالقوّة. ثمّ لمّا كانت كمالية الحركة بأن تستعقب شيئا مفقودا عن المتحرك إذ لو كانت كمالاته حاصلة بالفعل انتفت الحركة ، وجب أن يقال : في
__________________
(١) ق : «وليست».