البحث الرابع
في أنّ الحركة وجودية (١)
الضرورة قاضية بأنّ الحركة وجودية (٢). وقد نازع زينون الحكيم (٣) وبارمنيدس (٤) وغيرهما في وجودها ، واستدلوا بوجهين :
__________________
(١) راجع المعتبر في الحكمة ٢ : ٣٠ ؛ المطالب العالية ٤ : ٢٨٨ ؛ نقد المحصل : ١٨٤ ؛ إيضاح المقاصد:٢٧٣. ويقول ابن سينا : «فمن الناس من منع ... وجود الحركة. أما من أبطل الحركة المكانية والوضعية فلا كثير فائدة لنا في الاشتغال بمناقضته ، وإن كانت العادة قد جرت بها.» الفصل الأوّل من الفن الثالث من طبيعيات الشفاء.
(٢) قال أبو البركات البغدادي : «... إنّ هذه الحركة موجودة فإنّه من الأشياء الظاهرة المحسوسة. وأمّا كيف وجودها وعلى أيّ نحو هو وأيّ معنى يفهم منه ففيه نظر لطيف.» المعتبر في الحكمة ٢ : ٣٠.
(٣) زينون الإيلي (٤٩٠ ـ ٤٣٠) هو تلميذ بارمنيدس. وله أربع حجج ضد الحركة : الأولى تسمى حجّة القسمة ؛ الثانية وهي تمثيل للأولى تسمّى حجّة أخيل ، الثالثة تسمّى حجّة السهم ، الرابعة تسمّى حجّة الملعب. ويستنتج منها وهمية الحركة. راجع يوسف كرم ، تاريخ الفلسفة اليونانية : ٣٠.
قال أرسطو : «وحجج زينون في الحركة ، التي يعسر حلّها أربع» وسمّى الثانية بحجة أخلوس. وقال الشارح : إنّه اسم رجل كان سريع الاحضار (العدو) ، وزينون يمثل به في حجته. راجع أرسطوطاليس ، الطبيعة ٢ : ٧١٣.
(٤) في النسخ : «برمانيدس» ، وما أثبتناه من تاريخ الفلسفة اليونانية.
ولد في إيليا ويقال إنّه تتلمذ لأكسانوفان. وضع كتابه «في الطبيعة» شعرا ، فكان أوّل من نظم الشعر في الفلسفة. وكتابه قسمان : الأوّل في الحقيقة ، أي الفلسفة. والثاني في الظن ، أي العلم الطبيعي. المصدر نفسه: ٢٨. وانظر آراءه في الحركة في كتاب أفلاطون المحاورات الكاملة ، ج ٢ ، محاورة بارمنيدس ، تعريب شوقي داود تمراز.