البحث الخامس
في وجود السكون وباقي الأنواع
ذهب المتكلّمون إلى أنّ السكون أمر ثبوتي في الأعيان كالحركة ، لأنّه عبارة عن : حصول الجسم في المكان أكثر من زمان واحد ، والحركة حصوله في المكان زمانا واحدا عقيب حصوله في مكان آخر. فالماهية واحدة وإنّما افترقا بالبقاء وعدمه وليس البقاء معنى زائدا ، ولو كان لم يؤثر في تماثل الحقيقة ، كالصبي والرجل. (١)
قال أفضل المتأخّرين (٢) : «السكون عند المتكلّمين حصوله في الحيز الواحد أكثر من زمان واحد». (٣)
قال أفضل المحقّقين : «هذا يقتضي أن تكون الحركة التي تكون قبل السكون سكونا بعينه. والصواب أن يقال : هو الحصول في حيز بعد حصوله في ذلك الحيز
__________________
(١) قال النيسابوري : «إنّ الكون إن بقى وقتين سمّي سكونا ، وإن طرأ عليه ضد فنفاه وانتقل به الجوهر إلى جهة ثانية ، فهذا الثاني يكون حركة ، ويكون الأوّل من جنسها أيضا.» التوحيد : ٧٦ ؛ راجع أيضا مقالات الإسلاميين : ٣٤٦ ؛ ابن حزم ، الفصل ٥ : ١٧٥ ؛ الفرق بين الفرق ، ذكر النظامية : ١٣٨ ؛ البغدادي ، أصول الدين : ٤٠ و ٤٦.
واستدل الرازي بهذا الوجه ووجوه أخرى لإثبات أنّ السكون صفة موجودة بعد إبطال حجج المتكلّمين وبيان ضعفها لإثبات المدعى. راجع المطالب العالية ٤ : ٢٨٣ وما يليها
(٢) أنظر كلام الرازي والطوسي في نقد المحصل : ١٤٩ ـ ١٥٠.
(٣) قال الطوسي : «وقد قال هو ذلك بعينه في آخر هذا الفصل.» المصدر نفسه.