وإلّا لافتقرت إلى احداث آخر ويلزم التسلسل.
وأيضا التغيّر يكفي في تحقّقه كون إحدى الحالتين ثبوتية ، وأنتم ادعيتم أنّ الحركة والسكون كلاهما ثبوتيان.
لأنّا نقول : تغيّر الإضافات لا يوجب تغيّر الذات والصفات. والحركة والسكون نوع واحد ، لأنّ المرجع بهما إلى الحصول في الحيّز ، إلّا أنّ الحصول إن كان مسبوقا بحصول آخر كان حركة ، وإن كان مسبوقا بالحصول في ذلك الحيز كان سكونا ، وإذا اتحدا في الماهية وكان أحدهما ثبوتيا كان الآخر كذلك بالضرورة. وبهذا الطريق ثبت أنّ الكون المبتدأ ثبوتي.
وإنّما احتاج المتكلّمون إلى أنّ السكون ثبوتي لبناء مسألة الحدوث عليه.
والأوائل جعلوا السكون أمرا عدميا هو عدم الحركة عمّا من شأنه أن يتحرك (١) ، فالتقابل بينه وبين الحركة تقابل العدم والملكة عندهم. (٢) وعند المتكلمين تقابل الضدية. (٣)
واعلم أنّ التحقيق منا : أن نقول للساكن حالتان : إحداهما حفظ النسب إلى الأمور الثابتة وبقاؤها على وتيرة واحدة ، والثانية عدم الحركة عنه مع أنّه من شأنه أن يتحرك. فإن جعلنا السكون عبارة عن الأوّل فهو أمر ثبوتي ، وإليه أشار المتكلّمون (٤) ، وجعلنا الثاني لازما للأوّل. وإن جعلناه عبارة عن الثاني كان أمرا
__________________
(١) راجع طبيعيات النجاة ، فصل في الحركة : ١٣٤ ؛ الفصل الرابع من المقالة الثانية من الفن الأوّل من طبيعيات الشفاء ؛ التحصيل : ٤٢٩. وكذا عرفها أبو البركات في المعتبر ٢ : ٣٠ و ٤٠.
(٢) قال الشيخ : «إنّ المشهور من مذهب الطبيعيين أنّ السكون مقابلته للحركة هي مقابلة العدم للقنية ، لا مقابلة الضد.» المصدر نفسه.
(٣) راجع النيسابوري ، التوحيد : ١٣٢ ؛ أنوار الملكوت : ٢٤ (في تعريف السكون).
(٤) وهو مختار الطوسي أيضا في تجريد الاعتقاد ، حيث قال : «والسكون حفظ النّسب فهو ضد.» كشف المراد : ٢٧١.